نام کتاب : مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام نویسنده : الجواد الكاظمي جلد : 1 صفحه : 168
يصلَّى بمكَّة إلى الكعبة فلمّا هاجر إلى المدينة أمره اللَّه تعالى أن يصلَّى إلى بيت المقدس ثمّ أعيد إلى الكعبة ، وقال قوم : كان يصلَّى بمكَّة إلى بيت المقدس إلَّا أنّه كان يجعل الكعبة بينه وبينها ، ولا يصلَّى إلى غير المكان الَّذي يمكن هذا فيه ، وقال قوم : بل كان يصلَّى بمكَّة وبعد قدومه المدينة إلى بيت المقدس ، ولم يكن عليه أن يجعل الكعبة بينه وبينها . ثمّ أمره اللَّه بالتوجّه إلى الكعبة ، وهل كانت صلاته قبل ذلك إلى بيت المقدس على الوجوب ؟ قيل نعم ، وقيل : كان له أن يتوجّه حيث شاء ولكن اختار التوجّه إلى بيت المقدس ، وسيجئ . الثانية : « ولِلَّهِ الْمَشْرِقُ والْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله إِنَّ الله واسِعٌ عَلِيمٌ » [1] . « ولِلَّهِ الْمَشْرِقُ والْمَغْرِبُ » يريد بهما ناحيتي الأرض فإنّ الأرض منقسمة إلى المشرق ، أي النصف الَّذي فيه محلّ طلوع الشمس وإلى المغرب : أي النصف الَّذي فيه محلّ غروبها . فله الأرض كلَّها لا يختصّ به مكان دون مكان . « فَأَيْنَما تُوَلُّوا » فعل شرط حذفت نونه بالجزم وأين للمكان وما زائدة ، والمعنى في أيّ مكان فعلتم التولية بمعنى تولية وجوهكم شطر المسجد الحرام بدليل قوله « فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ » كما تقدّم . « فَثَمَّ وَجْهُ الله » أي جهته الَّتي أمر بها فإنّ إمكان التولية لا يختصّ بمسجد أو بمكان والمراد : أنّكم إذا منعتم أن تصلَّوا في المسجد الحرام أو بيت المقدس كما فهم ذلك من الآية السابقة على هذه وهي قوله « ومَنْ أَظْلَمُ » الآية فقد جعلت لكم الأرض مسجدا فصلَّوا في أيّ بقعة ، وأيّ جزء منها أردتم فإنّ الكلّ للَّه ، والتوجّه إلى شطر المسجد الحرام غير مخصوص بمكان دون مكان بل هو ممكن في كلّ مكان ، وبذلك يندفع وهم من يتوهّم عدم إمكان التوجّه إلى جهة واحدة من جميع الأمكنة كذا في الكشّاف ، و