وجه الظهور في غير الكر ان الماء القليل في مقابل الكثير ، ولا ريب ان المراد من الثاني هو الكر ، فيكون المراد من القليل هو غير الكر ، كما ان القذارة ظاهرة في النجاسة الشرعية لا سيما بقرينة نفي الحرج في الدين . وأجيب عنه بوجوه نقتصر على بعضها ( أحدها ) ان القليل بمعنى الكر اصطلاح خاص من الفقهاء لا انه حقيقة شرعية في غير الكر ، فالمراد هو القليل العرفي لا الشرعي ، والعرف يطلق ذلك على الماء الذي لا يرتمس فيه وان كان كثيرا شرعا ، فلا ظهور في لفظ القليل في الماء غير الكر ، بل هو من المطلقات فيحمل على الكر جمعا بين الأدلة كما هو مقتضى صناعة الإطلاق والتقييد . ( وثانيها ) الحمل على الجاري لإطلاق لفظ القليل بالإضافة إلى الجاري القليل والراكد حملا للمطلق على المقيد جمعا بين الأدلة - كما مر . ( وثالثها ) الحمل على التقية بقرينة « يتوضأ ثم يغتسل » فان الوضوء مع الجنابة خلاف مذهبنا - الى غير ذلك من المحتملات ، أقول : الجواب الأول غير بعيد ولكن الأخيرين بعيدان ، وليس المراد من الوضوء هو الوضوء الرافع للحدث ، بل الظاهر ان المراد منه هو الاستنجاء وازالة الخبث كما لا يخفى ، ومع إمكان الجمع الدلالي لا تصل النوبة إلى الحمل على التقية ، وان كان مذهب جماعة منهم عدم انفعال القليل بملاقاة النجس . وهناك أيضا إشكال آخر على الاستدلال به على عدم الانفعال لأن ظاهر الرواية هو التفصيل بين الاضطرار وغيره في عدم الانفعال ، وهو غير معمول به كما سيأتي في رواية قرب الاسناد .