نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 313
ما يحصل ذلك يحصل القبول . وهو أمر لا ينافي الصلاة بطبيعة الحال ، بل هو يدعمها ويرفع من شأنها ، كما هو واضح . ولكن لمجرد الالتفات أقول : أنه ينبغي التفريق بين معاني القرآن الكريم . فإنها كلها جليلة ومقدسة ، ولكن بعضها يناسب محل التوجّه والخشوع إلى الله سبحانه وبعضها لا يناسب ذلك ، لأنها معاني عقلية أو اجتماعية أو فقهية أو نحوها ، مما يكون التأمل فيها علمي ولا يناسب وضع الصلاة والتوجه . بل يكون مبعدا أكثر مما يكون مقربا كآيات الإحكام وغيرها . نعم ، هو في غير أوقات الصلاة والتوجّه ، ضروري بل واجب بالوجوب الكفائي ولا شك باستحبابه النفسي ، لأجل معرفة ما في القرآن من أسرار وعلوم وقانون لكي يطبقه الفرد على نفسه وغيره فيحظى بسعادة الدارين . وإن الأدلة الآمرة بالتفكر بالقرآن الكريم شاملة لكل أشكاله وحقوله . غير أن الفرد ينبغي أن يضع لكل حقل موضعه ويورد كل منها مورده . فكما أن الاستشهاد بآية في الميراث لا معنى له في بحث فلسفي ، كذلك إيرادها في وقت الاعتبار والخضوع . ولذا عبرنا في عنوان الفصل بالاعتبار ، لأننا نتحدث الآن عن قراءة القرآن في الصلاة وأوقات الخشوع . والأدلة من الكتاب الكريم والسّنة الشريفة طافحة بذلك نورد عددا منها : قال تعالى * ( وأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ولَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) * [1] . وقال سبحانه * ( وتِلْكَ الأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) * [2] . وقال جلّ جلاله * ( كِتابٌ أَنْزَلْناه إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِه ولِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الأَلْبابِ ) * [3] .