نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 289
الحكم بحجيتها ، شأن كل سيرة عقلائية ممضاة ، كما هو مؤسس في علم الأصول . ولو كان قد صدر النهي عنها لوردنا ، على حين لم يردنا ذلك ولو بخبر ضعيف ، بل قد ورد ما يدعم هذه القراءات ويسندها . وهو قولهم - عليهم السَّلام - : اقرأوا كما يقرأ الناس . وهذا قابل للمناقشة من عدة وجوه : أولا : إن هذا الإمضاء إنما يكون حجة فيما لو كانت هذه القراءات قد سرت إلى أصحاب الأئمة - عليهم السَّلام - أعني مواليهم والمؤمنين بهم . وأما لو كانت قاصرة على العامة فلا نتوقع النهي عنها ، مرضيّة كانت أو لا . وهذا مما لم يثبت . فإن الموالين ، كانوا يأخذون قراءة القرآن عن الأئمة وأصحابهم ، لا عن القراء الآخرين . وعلى أي حال يكفي الشك في سريان تلك القراءات إلى هذا الطرف ، ليبطل الاستدلال . ثانيا : إن عدم النهي ، لا تجري فيه أصالة الجهة ، بل يوثق بكونه ناشئا من التقية . بل إن قوله - عليه السَّلام - : اقرأ كما يقرأ الناس ناشئا منها أيضا . ثالثا : بعد التنزل عن الوجهين الآخرين ، لا بدّ من إحراز شهرة القراءة ، لكي يكون عدم النهي عنها سببا لحجيتها . وأما إذا لم تحرز شهرتها يومئذ ، سقط هذا الاستدلال . ومع احتمال ذلك يسقط الاستدلال أيضا لأنه يكون تمسكا بالعام في الشبهة المصداقية . نعم ، لا يبعد - في حدود هذا الوجه - أن تكون بعض القراءات ذات شهرة بمقدار ما ، كقراءة عاصم ونافع . ومن الصعب أن نثبت أن تكون القراءات السبعة مشهورة يومئذ فضلا عن العشرة فضلا عن غيرهما . ومن الطريف أن يناقش سيدنا الأستاذ في تواتر القراءات وحجيتها ، ثم يعتبرها مشهورة بحيث تكون قابلة للإمضاء كما أسلفنا [1] . فإنها لو كانت