نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 183
تماما . بخلاف ما لو ذكر الغائط والملامسة فقط ثم قال : فلم تجدوا ماء ، لكان ذلك غريبا ، لأن أغلب أوقات الإنسان أنه يستطيع الحصول على الماء فلما ذا يفترض عدمه ؟ ومن هنا كان ذكر السفر والمرض ضروريّا لأجل قلب الأغلبية بالعكس . لأن الأغلب في هاتين الحالتين صعوبة الحصول على الماء . الوجه الرابع : إنَّ هذه الأمور الأربعة كلَّها أسباب على وجه الإجمال للتيمم ، كلّ بحياله واستقلاله . لوضوح أنه ليس أيّ منها علَّة تامة للتيمم ، حتى الغائط والملامسة . فإنَّ رفع الحدث قبل دخول الوقت بل في سعة الوقت غير الواجب كما أنه من المحتمل أن يجد الماء فلا يجوز له التيمم . كما أنه من المحتمل أن يرتفع التكليف عن الفرد قبل أن يؤمر بالصلاة ، بالموت أو الجنون أو غيرهما ، فلا يكون للحدث أيّ أثر في وجود التيمم على الإطلاق ، لأنَّه إنما يجب لأجل الصلاة . كما أنَّ السفر والمرض أيضا ليسا علَّة تامة للتيمم ، لاحتمال أن يجد الماء خلالهما متوفرا . أو يحصل بهما أحد موانع التكليف أيضا ، كالموت أو الإغماء أو الجنون . فالمهم أن يكون لكلّ من هذه الأمور الأربعة سببيّة ناقصة وتأثير بمقدار ما ، في وجوب التيمم . كما لا يفوتنا أن نلتفت إلى أن السبب الآخر ، وهو عدم وجدان الماء ، مهما كان رئيسيّا ، ليس إلَّا سببا ناقصا لوجوب التيمم . لما عرفناه قبل قليل من عدم وجوبه قبل الوقت وخلاله ما لم يتضيق مع احتمال ارتفاع التكليف . إذن ، فالسببيّة الناقصة محفوظة تماما . في كلّ هذه الأسباب ، ومن حقّنا أن ندرجها مدرجا واحدا لإفهام هذا المعنى . وإن كان نحو السببيّة وشكلها يختلف من مجموعة إلى مجموعة ، أعني السفر والمرض أولا ثم الغائط والملامسة ثانيا وعدم وجدان الماء ثالثا . وبيان شكل سببيّتها للتيمم موكول إلى الفقه . وبعد أن انحلت المعضلة الرئيسية نعود إلى تلك الأسئلة السابقة فتحاول الجواب عليها ، وقد عرفنا أنَّ أكثرها بل كلَّها من وساوس الشيطان ،
183
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 183