نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 133
ويأتي بعد ذلك : دور الثنوية الذين يقولون بوجود إلهين حاكمين للعالم . أحدهما إله الخير ، والآخر إله الشر . وهذا هو معتقد المجوس . وهو ليس من جنس الشرك المشار إليه فيما سبق . لأنهم يعتقدون أنَّ إله الخير هو الأكبر والأهم في الكون . ولكنه يقدسون إله الشر بالرغم من هوانه لأجل أن يكفوا شره . فهم يجاملونه لدفع كيده ويتحببون إليه . ومن هنا كان من الطريف اختيارهم للإله الأهون والأسوء ممَّا يعتقدون له الربوبية . وليس من الواضح أن إله الشر هذا هو الشيطان أو غيره ، إلَّا أنَّ المظنون هو ذلك ، إذ لا يوجد من الأطروحات المتصورة للآلهة اجتماعيّا غيره ليكون صالحا لتمثيل دور إله الشر . وإذا تمّ لدينا الاطلاع على ما عرفناه . أمكننا أن نؤكد أنَّ مصطلح الشرك الصريح عند المتشرعة شامل لعباد الأصنام . وهؤلاء الثنوية ، ولمن يؤمن بإلهين متكاملين ، إن كان له وجود على وجه الأرض . ولا يبقى بعد ذلك من يقول بالتعدّد إلَّا الثالوث المسيحي . وهو خارج عن اصطلاح الشرك الصريح ، بالرغم من أنه يحمل فكرته تماما . لأنهم من ناحية : كعبّاد الأصنام يعتبرون المسيح تجسيدا للذات الإلهية ، ويعتبرونه ممّن يقرّبهم إلى الله زلفى . وكذلك هم كالثنوية من حيث يعتبرون المسيح وأمه إلهين أنزل درجة من الله سبحانه الذي هو المسيطر الحقيقي على الكون كله . فالأب عندهم هو الإله الحقيقي . وأمَّا الابن وهو عيسى ، وروح القدس وهو مريم العذراء أمه ، فهم من أتباعه وظلاله . إلَّا أنهما مع ذلك يحملون جانب من الذات الإلهية باعتقادهم . وهذا هو المشار إليه بقوله تعالى : * ( أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ الله ) * . وقوله * ( مِنْ دُونِ الله ) * . أي أنزل وأهون من المرتبة الإلهية الحقيقية . وليس لنا أن نفسرها بمعنى أنهما إلهين مع إنكار الله - عزّ وجلّ . فإن هذا ما لا يعتقده المسيحيون بحال . والمهم في سياق كلامنا هذا أنهم يحملون في معتقدهم هذا فكرة الشرك الصريح نفسه . إلَّا أنَّ كونهم من أتباع النبي عيسى ابن مريم - عليهما السَّلام - جعل لهم تشريفا رفعهم عن هذا المستوي
133
نام کتاب : ما وراء الفقه نویسنده : السيد محمد الصدر جلد : 1 صفحه : 133