وعن السدي : أنّه قتل العمالقة علماءهم فلم يبق أحد يعرف التوراة [1] ، وقيل فقدت نسخ التوراة غير نسخة واحدة كانت مدفونة في البيت المقدس أخرجها عزير [2] . فتحصّل أنّه لم يثبت اعتقاد جميع اليهود بكون عزير ابن اللَّه ، ولو ثبت لم يوجب الشرك ، وإن لزم منه الكفر ، مع أنّه يمكن أن يقال : إنّ مرادهم بذلك كونه مظهر قدرته تعالى ، كما تقول الشيعة في حقّ أمير المؤمنين عليه السّلام : إنّه عين اللَّه ويده الباسطة ونحو ذلك . وكذا لم يثبت اعتقاد جميع طوائف النصارى بالتثليث . فعن ابن حزم : إنّ طائفة من النصارى منكرون للتثليث موافقون لنا في الإقرار بالتوحيد ، وعدّوا من الفرق الموحّدين ، وهم أتباع ( بولس ) الشمشاطيّ وأتباع ( مقدوينوس ) الذين كانا بطريركين ، وأتباع ( آربولس ) الذي كان قسّيسا ، ولعلَّهم الذين قصدهم القرآن بقوله تعالى * ( لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ الله آناءَ اللَّيْلِ وهُمْ يَسْجُدُونَ . يُؤْمِنُونَ بِالله والْيَوْمِ الآخِرِ ويَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ويُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ) * [3] . وربما يستدلّ بهذه الآية الشريفة بعد دلالتها على عدم اعتقاد جميع طوائف أهل الكتاب بالتثليث لعدم نجاسة جميع طوائفهم ، لأنّه كيف يحكم بنجاسة جميع طوائف أهل الكتاب مع وجود هؤلاء القوم فيهم ، وقد وصفهم اللَّه تعالى بأنّهم أمّة قائمة يتلون آيات اللَّه آناء اللَّيل ، وهم يسجدون يؤمنون باللَّه واليوم الآخر ويسارعون
[1] التفسير الكبير : ج 16 / 34 . [2] تفسير مقتنيات الدرر : 5 / 129 . [3] آل عمران : 113 و 114 .