الأصل فالمرجع عند تساقط الطائفتين هو أصالة الطهارة ، فيصح الحكم بطهارة أهل الكتاب . دفع وهم بقي الكلام في أنّه ربما ينقدح في الذهن ، بل ربما يسأل بأنّه حسبما ذكرنا يكون القول بطهارة أهل الكتاب أمرا واضحا لمن لاحظ أخبار الطائفتين ، فكيف خفي ذلك على عظماء الفقهاء ، وكبراء المحدثين حيث ذهبوا إلى القول بنجاستهم فما السرّ في فتواهم بالنجاسة . ولكن يمكن أن يقال أوّلا : إنّه لم يكن القول بطهارتهم أمرا واضحا بعد ما عرفت من الوجوه الَّتي استدلّ بها القائلون بنجاستهم وإنّما صرنا إليه بعد تفطَّن النفس بها ببركة إفادات وإرشادات أساطين الفقه وفقهائنا المتأخّرين وكم ترك الأوّلون للآخرين . وثانيا : لعلّ ذلك بلحاظ استظهارهم نجاستهم من قوله تعالى * ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) * ببعض التقريبات المتقدّمة وقد وقع التصريح بذلك في كلامهم وقد عرفت ضعفه . أو بتوهّم المعارضة بين ما دلّ على النجاسة وما دلّ على الطهارة وترجيح ما دلّ على النجاسة إمّا لموافقته لظاهر الكتاب ، أو لمخالفته للعامة بتوهّم اتّفاقهم على طهارة أهل الكتاب أو أنّ ما دلّ على طهارتهم جارية مجرى التقيّة ، أو كونه معرضا عنه . إلى غير ذلك .