الخنزير وشحمه وسائر النجاسات ، فيشكل للفقيه الجزم بنجاستهم الذاتيّة بهذه الأخبار ، بعد ما ذكرناه في ذيل كلّ واحد من الأخبار الَّتي يستدلّ بها لنجاستهم . وقد عرفت عدم دلالة قوله تعالى * ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) * [1] على نجاسة أهل الكتاب ، وعدم تماميّة دلالة الوجه الاعتباريّ والاستحسانيّ على نجاستهم . فتحصّل أنّه لو لم يكن في البين ما يستدلّ به لطهارتهم لأشكل الحكم بنجاستهم حسبما فصّلناه . ولو سلَّم ظهورها في نجاستهم في حدّ نفسها ، فلا بدّ من ملاحظة ما يستدلّ به لطهارتهم ، فإن تمّت دلالتها فلا بدّ وأن يوفّق بينها وبين ما دلّ على نجاستهم على فرض الدلالة بحمل ما دلّ على الطهارة على طهارتهم الذاتيّة ، وحمل ما دلّ على النجاسة على نجاستهم العرضيّة . أدلَّة القائلين بطهارة أهل الكتاب يستدلّ لطهارة أهل الكتاب بالكتاب ، والسنّة والأصل . أمّا الكتاب فقوله تعالى * ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ) * [2] . تقريب الدلالة : إنّه تعالى أحلّ طعام أهل الكتاب للمسلمين وطعام المسلمين لهم . والطعام بحسب اللَّغة : اسم لكلّ ما يطعم - أي كلّ ما يذاق ويطعم - كما أنّ الشراب اسم لكلّ ما يشرب .