وقد عرفت ممّا ذكرنا عدم تماميّة دلالة الأخبار على نجاستهم الذاتيّة بعد إرجاع بعضها إلى بعض . الوجه الاعتباريّ لنجاسة أهل الكتاب بقي الكلام في الوجه الاعتباريّ الذي يوجد في بعض الكلمات في توجيه نجاسة أهل الكتاب وهو : إنّ الحكم بنجاستهم من أحسن الأحكام السياسية الإسلاميّة حيث لزم على الأمّة الإسلاميّة التجنّب عنهم في جميع المجالات الاجتماعيّة - العسكريّة والدبلماسيّة - والاجتناب عن مودّتهم ، وعلاقتهم وأن ينظروا إليهم بحقارة وذلَّة ولا يجعلون لهم مكانة في المجتمع والحكم بنجاستهم من أقوى العوامل في تثبيت ذلك والتبعيد عنهم . ولا يخفى أنّ هذا أمر استحسانيّ لا يعتمد عليه في إثبات الحكم الشرعيّ والحكم بنجاستهم ، كيف والمنافقون مع كونهم أشدّ ضرارا وخسارة على حوزة الإسلام والمسلمين من الكفّار ، محكومون بالطهارة . بل وقد تكون المصلحة الاجتناب عن بعض فرق المسلمين وعدم مودّتهم ، وعدم جعلهم ذا مكانة في المجتمع لما هم عليه من العقائد الفاسدة وخلاف مذهب الإماميّة ومع ذلك لم يحكم بنجاستهم . وبالجملة ، يلزم في الحكم بنجاسة أهل الكتاب من التماس دليل آخر لو كان ، وجعل هذا تأييدا للقول بالنجاسة ومن حكمها ومصالحها كما لا يخفى . وقد عرفت عدم تماميّة ما يستدلّ به لنجاستهم الذاتيّة وغاية ما يمكن أن يقال هي نجاسة أبدانهم ، وأوانيهم وأطعمتهم بلحاظ عدم اجتنابهم عن الخمر ولحم