إذا أحطت خبرا بما ذكرنا تتعجّب من مقال ما وقع من بعض القائلين بنجاسة أهل الكتاب من أنّ اشتراط ضيافة أهل الكتاب لعساكر المسلمين لا يستلزم طهارتهم ، لأنّ ضيافة العسكر بإعطاء المكان وعلف الدوابّ مثل ضيافة أهل مكَّة للواردين وإذا ثبت نجاستهم بالدليل يظهر هنا أنّ ضيافة الطعام كانت باليابس وغير المطبوخ ، مضافا إلى أنّه يحتمل أن يكون جواز هذا الشرط عليهم مطلقا ، وجواز الأكل من طعامهم المطبوخ مقيّد بحال الضرورة للمسلمين ولا إشكال فيه إذ في حال الضرورة تباح الميتة أيضا . انتهى [1] . توضيح الضعف والتعجب لائح بما ذكرنا ، وأظنّ أنّ صاحب المقال لم يلاحظ أخبار الباب بعين الإنصاف ، ولم ينظر إلى فتاوى الأصحاب أو لم يعتن بفتاويهم ، وإلَّا فلعمر الحق إنّ ما ذكرناه واضح إلى النهاية . كما أنّه لا ينقضي تعجبي ممّا ذكره أخيرا : « من أنّه ظهر من جميع ما ذكر أنّه ما كان دليل صريح على طهارتهم حتّى تعارض الأدلَّة الدالَّة على نجاستهم فتصل النوبة إلى الجمع بينهما » . انتهى [2] . وذلك لما عرفت جليّا عدم دلالة ما استدلّ به لنجاستهم بل تماميّة دلالة بل صراحة ما استدلّ به لطهارتهم فلا حظ وتأمّل . الناحية الخامسة مخالطة أئمة أهل البيت وخواصّهم مع الَّذين لا يتحرّزون عن مساورة الكتابيّين ومؤاكلتهم مع قضاء العادة باستحالة بقاء ما في أيديهم على
[1] تقرير خطَّيّ لبعض أعلام المعاصرين . [2] تقرير خطَّيّ لبعض أعلام المعاصرين .