ومن هنا نهى كثير من العلماء عن التمسك في العقائد بالأدلة العقلية غير الفطرية السليمة عن كل شائبة وشبهة عملا بالنصوص الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة كما ورد عن أبي عبيدة الحذّاء قال : قال لي أبو جعفر ( عليه السّلام ) وأنا عنده : « إياك وأصحاب الكلام والخصومات ومجالستهم فإنهم تركوا ما أمروا بعلمه ، وتكلفوا ما لم يؤمروا بعلمه ( المحجة البيضاء ص 19 ) . فهذا ابن طاؤوس ( قده ) ( في المحجّة البيضاء ص 9 ) يوصي ابنه بالمنع عن مطلق مراجعة كتب الكلام وكذلك العلامة المامقاني ( قده ) في مرءاة الرشاد ( ص 11 ) . ( فان قلت ) فبم نتمسّك لاثبات الصانع حتى يحصل لنا اليقين بوجوده تعالى ؟ وكيف حصل هذا اليقين للسيد ( قده ) نفسه وهو يرى أنّ أدلة اثباته كلها مدخولة ؟ ! ( قلت ) قد حصل له ولنا العلم بالفطرة الأولية التي قد تجلَّى بها وجوده تعالى حتى للكفّار ، فان أنكره لسانهم يقرّبه جنانهم ، كما قال تعالى « وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ا للهُ » ( لقمان 25 ) . وكذلك قوله « فِطْرَتَ ا للهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها » ( الروم 30 ) . عن العلاء بن الفضيل عن أبي عبد اللَّه ( عليه السّلام ) قال : سألته عن قول اللَّه عزّ وجل « فِطْرَتَ ا للهِ ) * الخ » قال : على التوحيد ( توحيد الصدوق 1 ص 341 ) . وفي البحار 67 / 137 عن تفسير مولانا العسكري ( عليه السّلام ) : أنه سئل مولانا الصادق ( عليه السّلام ) عن اللَّه ؟ فقال للسائل : « يا عبد اللَّه هل ركبت سفينة قطَّ ؟ قال : بلى ، قال : فهل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك ، ولا سباحة تغنيك ؟ قال : بلى ، قال : فهل تعلَّق قلبك هناك أنّ شيئا من الأشياء قادر على أن يخلَّصّك من ورطتك ؟ قال : بلى ، قال الصادق ( عليه السّلام ) فذلك الشئ هو اللَّه القادر على الانجاء حين لا منجي ، وعلى الإغاثة حين لا مغيث » . ( والحاصل ) أنّ اللَّه تبارك وتعالى أوضح الواضحات لا يدانيه أحد في إضاءة نوره ، وأظهر الموجودات فلا يحتاج إلى الاستدلال لكمال ظهوره ، كما قال سيد الشهداء أبو