أمّا الأوّل : فلأنّ المفروض اتّفاق الزوجين على أنّ الألفاظ مستعملة في معانيها الإنشائيّة وبغرض الجدّ ، إنّما الكلام في أنّه هل الداعي الجدّي هو الجزم بوقوع المتعلَّق أو الاحتياط ، ولا أصل يعيّن أحدهما . وأمّا الثاني : فلأنّ الأصل إنّما يفيد الصحّة التأهليّة التي هي سهم العقد بمعنى الإيجاب والقبول ، ولا يتكفّل لغير هذه الجهة . ألا ترى أنّ أصالة صحّة الإيجاب لا يفيد إلَّا صحّته دون القبول ، وكذلك صحّة الحمد لا يقتضي إلَّا كونه بحيث يصحّ انضمام بقيّة الأجزاء إليه ، وصحّة العقد المردّد بين الفضوليّة والأصاليّة لا يقتضي إلَّا قابليّته لانضمام الرضا المالكي إليه . وبالجملة ، إحراز قابليّة المحلّ خارج عن عهدة أصالة صحّة العمل العقدي . إلَّا أن يفرّق بين المقام وبين الأمثلة المزبورة بأنّ الأمر في المقام مردّد بين وقوع العقد من الابتداء صحيحا فعليّا ، وبين وقوعه من الرأس باطلا ، وأمّا في بعض الأمثلة فالأمر دائر بين وقوعه صحيحا بالصحّة الفعليّة وبين وقوعه صحيحا بالصحّة التأهّليّة ، كما في تردّد أمر العقد بين وقوعه فضوليّا ، أو صادرا من المالك ، وفي بعضها بين وقوعه باطلا أو صحيحا تأهّليّا ، كما في مثال الحمد والإيجاب . وبالجملة ، كلَّما كان المقابل للصحّة الفعليّة الصحّة التأهّليّة الانتظاريّة فلا نسلَّم أنّ مقتضى الأصل هو الفعليّة ، وأمّا كلَّما كان المقابل للصحّة الفعليّة هو البطلان من رأس بحيث لا يقبل انضمام سائر الأجزاء فالأصل يقتضي الصحّة الفعليّة ، كما لو شكّ في صدور العقد عن البالغ العاقل الرشيد ، أو عن الصغير أو المجنون أو السفيه ، فإنّ مقتضى الأصل حينئذ هو الصحّة ، وفي المقام أيضا يكون الأمر بهذا المنوال ، هذا . والإنصاف أنّه إذا دار الأمر بين الصحّة المنجّزة والصحّة التقديريّة فليس بناء