فإن قلنا بالأوّل فلا وجه لضمان الإنسان مال نفسه التالف في يده لغيره ، إذ المفروض أنّ المهر في يدها حال تلفه كان ملكا لها ، فما الموجب للحكم بضمانها لنصف قيمتها إذا كانت قيميّة ، أو لنصف مثلها إذا كان مثليّة عند طلاقها قبل الدخول ؟ وإطلاق قوله تعالى : * ( فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ ) * بالنسبة إلى صورة التلف لا يقتضي الحكم بالضمان فإنّ « ما فرضتم » إنّما هو الشيء المعدوم ، لا المثل أو القيمة ، فمقتضاه ليس إلَّا تنصيف المعدوم ، فالضمان غير مستفاد منه ، وكذا الحال في تلف الصفة الذي هو النقص ، وأمّا لو زاد زيادة متّصلة مثل سمن الشاة فمقتضى الآية أن يتّصف العين الموجودة مع زيادتها لصدق « ما فرضتم » على العين الزائدة ، فإنّه لم يتغيّر الموضوع ولم يرتفع الوحدة العرفيّة عن البين . وأمّا إنّ قلنا بأنّ نصفه يملك بالعقد ونصفه الآخر بالدخول فمقتضى القاعدة أيضا عدم الضمان لأنّ يدها وإن كانت بالنسبة إلى النصف ثابتة على ملك الغير ، إلَّا أنّه سلَّطها على ماله وجعلها أمانة عندها ، وليس على الأمين إلَّا اليمين . وتفصيل المقام أنّ هنا صورا : الأولى : أن يكون المهر دينا على ذمّة الزوج ، ولا شكّ في براءة ذمّته عن النصف لو طلَّقها قبل الدخول . الثانية : أن يكون عينا في يد الزوج ولم يسلَّمها إلى الزوجة ، فطلَّقها قبل الدخول . فإن كانت باقية بحالها فلا كلام في اشتراكها بينهما أنصافا ، وكذا لو زادت قيمته السوقيّة أو نقصت ، لعدم تعلَّق الضمان بالقيمة السوقيّة . وإن كانت تالفة فعلى الزوج غرامة نصف المثل في المثلي ، ونصف القيمة في