دفع نفس الخمر والخنزير والحرّ ومال الغير بدون إذن فمن الواضحات في شريعة الإسلام . ومثل هذا التشبّث التمسّك بقوله تعالى في سورة البقرة : * ( لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ) * [1] . بناء على تفسير الجناح بالمهر أو ما يعمّه ، فالمفاد - واللَّه العالم - أنّ المهر منتف مع انتفاء الجماع وانتفاء فرض الفريضة التي هي أيضا مفسّرة بالمهر ، والمفهوم منها أنّ المهر ثابت بوجود أحد الأمرين إمّا المسّ وإمّا فرض الفريضة ، ولا شكّ أنّ عنوان الفرض أيضا أعمّ من أن تملكه الزوجة أو لا ، نعم يشترط كونه قابلا لأن يملك ويتموّل ، فالحبّة من الحنطة وكواكب السماء خارجة ، هذا . ولكن يستشكل في كلا التمسّكين بأنّ الآيتين ليستا بصدد بيان الإطلاق في جنس الصدقة والفريضة ، بل المتبادر منهما هو الأمور التي يتملَّكها المرأة بالجعل صداقا . وعلى هذا فيبقى الكلام في كلّ من مرحلتي الصحّة وتعيين المهر إذ على صحّة التمسّك كنّا فارغين عن الصحّة أيضا ، وأمّا على العدم فيبقى الإشكال من جهة أصل صحّة النكاح أيضا ، فضلا عن ثبوت عهدة القيمة أو المثل بعد ثبوت أصل الصحّة . وحينئذ فقد يعتمد في الصحّة في المسألتين الأخيرتين من الثلاث المشار إليها متقدّما ، أعني : صورة جعل الخمر أو الحرّ مهرا بظنّ الخلَّيّة والعبديّة وصورة جعل مال الغير بدون إذنه مهرا على إجماع الأصحاب ، ولكنّه أيضا مشكل بعد وجود