وبالجملة ، لو لا مخافة الإجماع يمكن حمل جميع النواهي الواردة عن نكاح الناصب والناصبيّة على الحرمة النفسيّة للمزاوجة الغير الملازمة مع الحرمة الوضعيّة إذا لم يتعلَّق بها نفسها ، بل بملاحظة أمر خارج عن ذاتها ، مثل تأثير أخلاق أحد الزوجين إلى الآخر . ويجري هذا المعنى حتّى في خبر [1] الفضيل بن يسار « قال : قلت لأبي عبد اللَّه عليه السّلام : إنّ لامرأتي أختا عارفة على رأينا ، وليس على رأينا بالبصرة إلَّا قليل ، فأزوّجها ممّن لا يرى رأيها ؟ قال عليه السّلام : لا ولا نعمة ، إنّ اللَّه عزّ وجلّ يقول : * ( فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ ولا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) * [2] . فإنّه بعد ما قلنا بالحرمة النفسيّة لتزويج الناصب والناصبيّة صحّ قياسهما بالكافر في هذه الجهة وإن كان لا يصحّ من حيث الوضع ، واحتمال عموم هذه الرواية لكلّ من لا يرى رأي الإماميّة مدفوع بأنّه لم يعلَّق الحكم فيه على هذا العنوان ، بل قال : ليس بالبصرة ممّن يرى رأيها إلَّا قليل ، فيكون حكما في قضيّة شخصيّة ولا عموم لها ، فلعلّ تمام من في البصرة يومئذ كانوا نصّابا ، فالقدر المتيقّن من الرواية هم النصّاب ، فتكون دليلا بالنسبة إليهم لا غيرهم ، وبالنسبة إليهم أيضا من حيث الحرمة النفسيّة لا الوضعيّة ، جمعا بينها وبين وقوع الطلاق المصرّح به في الروايتين المتقدّمتين . ولا ينافي ما قلناه كفر الناصبي لإنكاره الضروري من الدين ، وما في بعض الروايات [3] من أحبّيّة نكاح اليهودية والنصرانية إليه عليه السّلام من نكاح الناصبيّة فإنّه
[1] الوسائل : كتاب النكاح ، الباب 10 من أبواب ما يحرم بالكفر ، الحديث 4 . [2] سورة الممتحنة : الآية 10 . [3] الوسائل : كتاب النكاح ، الباب 10 من أبواب ما يحرم بالكفر ، الحديث 10 .