بمعنى مساواة الطرفين ارتفعت إلى الكراهة ، وكذلك قوله : * ( ولا تَنْكِحُوا ) * بناء على تعميمه للابتداء والاستدامة ، كما لا يبعد . ولكنّ الظاهر عدم قبول الأخبار هذا الجمع إذ الأخبار الدالَّة على منسوخيّة المائدة بعضها صريح في الحرمة وعدم الجواز ، فراجع ، وإذن فلا محيص عن معاملة التعارض في ما بينهما . والحاصل : كلّ من وجهي الجمع المذكورين في سائر الأخبار جائيان بحسب التصوّر في هذه أيضا ، بمعنى أنّه قد يقال : إنّ النسخ بالنسبة إلى الحكم المطلق كما قد يكون بالنسبة إلى أصله ، كذلك قد يكون بالنسبة إلى إطلاقه مع بقاء أصله ، نظير ما يقوله بعض الأساتيذ بالنسبة إلى مفهوم القضيّة الشرطيّة وأنّه يؤخذ من إطلاق المنطوق مع ملاحظة إطلاقه ، فيكون المرفوع في جانب نقيض الشرط القضيّة المطلقة الجزائيّة بوصف الإطلاق . وهذا وإن كان عندنا غير مرضي في ذاك الباب وكذا في باب النسخ فإنّ الظاهر ورود الرفع في كليهما على أصل الحكم ، ولكن من باب الجمع لا بأس به ، وحينئذ يجمع بين الطائفتين . فالمراد من عدم منسوخيّة أحكام المائدة عدم تبدّلها من الأصل ، والمقصود من روايات منسوخيّة آية : * ( والْمُحْصَناتُ ) * بآية : * ( ولا تُمْسِكُوا ) * ورود النسخ في إطلاق حلَّيّة نكاحهنّ إمّا بالنسبة إلى الدوام ، أو بالنسبة إلى الاختيار ، أو بالنسبة إلى التزوّج على المسلمة ، والمراد من منسوخيّة آية : * ( ولا تَنْكِحُوا ) * بآية : * ( والْمُحْصَناتُ ) * أنّه كان من الابتداء حراما ، بآية : * ( ولا تَنْكِحُوا ) * ثمّ نسخ الحرمة بالحلَّيّة المطلقة بآية : * ( والْمُحْصَناتُ ) * ، ثمّ نسخ الإطلاق أيضا بآية : * ( ولا تُمْسِكُوا ) * .