إلى الاستصحابين إنّما يتمّ بناء على حكومة أصالة الصحّة على الاستصحاب ، كما على القول بأماريّتها ، وأمّا على القول بأصليّتها وأنّها إنّما تقدّم في موارد مخالفتها للاستصحاب لعدم لزوم اللغويّة ، وإلَّا فمع المطابقة كلاهما جاريان ، فيقع التعارض بين الاستصحاب وأصالة الصحّة في جانب المعلوم ، وبين أصالة الصحّة في جانب المجهول . لأنّا نقول أوّلا : إنّ الظاهر أنّ أصالة الصحّة متقدّمة على الاستصحاب في جميع مواردها ، سواء المطابق مع الاستصحاب ، أم المخالف ، لا في خصوص الثاني ، بمعنى أنّ مخالفة أكثر موارد أصالة الصحّة مع الاستصحاب يكشف عن أنّ الشارع لم يعتن في جميع موارد هذا الأصل إلى الاستصحاب ، حتّى إذا كان موافقا أيضا ، فلم يستند الحكم إليهما معا ، بل إلى خصوص هذا الأصل ، وبالجملة ، لم ينظر مع هذا الأصل إلى شيء آخر ، فيكون مقدّما على الاستصحاب رتبة ، فرتبة الاستصحاب بعد سقوطه بالتعارض . وثانيا : إنّ المستند لأصالة الصحّة في أبواب المعاملات ليس دليلا لفظيّا ، فإنّ الدليل اللفظي لم يرد إلَّا في خصوص باب الصلاة والطهارات الثلاث ، ولم يثبت فيه عموم يشمل أبواب المعاملات ، فالعمدة في المعاملات بناء العقلاء وعدم الردع من الشارع ، وحينئذ فيمكن أن يقال : إنّ بناءهم مخصوص بالشكوك البدويّة ، أو أنّ القدر المتيقّن من بنائهم ، فلا يجري في أطراف العلم الإجمالي الذي منه ما نحن فيه . وعلى كلّ حال فالحكم بصحّة معلوم التأريخ ، الظاهر أنّه لا إشكال فيه . يبقى الكلام في صورة جهل التأريخين ، وقد يقال حينئذ بالرجوع إلى القرعة في تعيين أنّ أيّهما السابق . والتحقيق أن لا مجرى للقرعة لاختصاص موردها بما إذا انحصر المخلص