في بيان معنى قاعدة الغرور وفيه أنّ القاعدة المذكورة إنّما موردها ما إذا تلف من المغرور مال بواسطة تدليس الغارّ ولم يعوّض مكانه شيء ، كما في المثال المعروف ، أعني : ما إذا أقدم أحد إلى أحد طعاما على أنّه ملك نفس الآكل أو المقدم ، فتبيّن أنّه لغيرهما ، حيث إنّ باب الغرامة ليس باب المعاوضة ، ولا يلتزمون بها في غير المورد المذكور . مثلا : لو قال أحد لأحد أنّ في البلد الكذائي يقسّمون المال مجّانا ، فتحمّل الشخص الثاني مخارج كثيرة لكرائه المركب إلى ذلك البلد وسائر اللوازم لمسافرة ذلك البلد ، فتبيّن أنّه خدعه ، فلا يلتزمون بأنّ له الرجوع إلى الغارّ بشيء من تلك المخارج . وما نحن فيه من هذا القبيل فإنّه وإن كان قد أعطى المال الكثير بإزاء البضع القليل ، أو البضع الغالي بإزاء المهر اليسير ، ولكنّه كما إذا تجاوز المتعارف في كري المركب إلى ذلك المحلّ لكثرة شوقه إلى نيل ذلك المقصد فإنّه غير خارج عن كونه بذل مال بإزاء عوض ، فلا وجه للتمسّك بقاعدة الغرور . نعم بعد إثبات الخيار من الخارج في مسألتنا وفسخ ذي الخيار يتحقّق المورد لتلك القاعدة ، فإنّه قد فات منه المهر لاستحقاقها إيّاه بعد الدخول ويكون بلا عوض أيضا إذ الفرض زوال الزوجيّة بالفسخ ، ولكن إثبات مورد القاعدة بنفسها مستلزم للدور . وقد يقال أيضا باستفادة الحكم من أخبار الفسخ بالعيوب السابقة معلَّلا له بالتدليس ، حيث إنّ مقتضى عموم التعليل التعدّي إلى فقدان الأوصاف الكماليّة