عنه فلا معنى للمنزلة حينئذ إلا ثبوت ما كان ثابتا في حق المنوب عنه من الأحكام الشرعية ولوازمها في حق النائب . هذا ما يساعده بعض الانظار القاصرة التي منها نظري الفاتر . وأما الذي تلقيناه من الأستاذ فهو أن النيابة عنوان يلحق للفعل المنوب فيه وبه يصير متعلقا للإجارة وهو كون الصلاة مثلا عن فلان ، فالصلاة من حيث ذاتها عبادة ومن حيث وصفها - أعني تقيدها بكونها عن الغير - معاملة محضة ، نظير الصلاة والصلاة في البيت ، فكما أن اعتبار القربة في الصلاة لا ينافي عدمها في وقوعها في البيت حتى أنه يجوز أخذ الأجرة على إيقاع الصلاة في البيت مثلا ، كذلك لا ينافي القربة في فعلها ذاتا عدم القربة في فعلها نيابة . وقد انكشف مما حققنا أمور لا بأس بالإشارة إليها قبل التكلم في أصل المسألة استكثارا لتوضيح الحال : ( أحدها ) عدم الفرق بين النيابة في المعاملات كالتزويج والبيع والصلح وبينها في العبادات في كون كل منهما من قبيل المعاملات الغير المشروطة في تأثيراتها بقصد القربة ، وان الفرق انما هو بين الفعل المنوب فيه ، فكما أن النيابة في الفعل تؤثر أثرها المشار إليها - أعني صيرورة بيع النائب بمنزلة بيع المنوب عنه - من غير اشتراطها بقصد القربة كنفس المنوب فيه - أعني البيع - كذلك النيابة في الزيارة أو الصلاة مثلا تؤثر الأثر المذكور وتجعل زيارة النائب بمنزلة زيارة المنوب عنه من غير اشتراط نفسها بالقربة ، على خلاف المنوب فيه الذي هو الزيارة مثلا . نعم يحتاج في صحة النيابة في الأول إلى استنابته من المنوب عنه سابقا أو لا حقا ، بخلاف صحتها في الثاني فإنها غير محتاجة إلى شيء منها ، لا لإمضاء الشارع وحكمه بصحة التبرع بها في العبادات المعهودة كما أشرنا إليها آنفا .