تعم الأحوال كلها جدا . « وثالثها » - عدم وجوب الرجوع الى المجتهد الذي فرض كون الرجوع اليه لبعده عن بلد المخاصمة متعذرا أو متعسرا لا يرضى الشارع بمثله ، وهو أيضا واضح . ضرورة أن ما يقع في البلد في كل يوم أو شهر من الدعاوي لو قيل بأنه يجب فيها الرجوع الى المجتهد النائي . وأنه لا بد للمتخاصمين من شد الرحال إليه في قليل من الدعوى أو كثيرة ، كان أمرا مضحكا لا ينبغي نسبته الى عاقل فضلا عن حكيم . وبعد ملاحظة هذه المقدمات فالعقل يستقل بأنه يجب أن يكون في ذلك البلد رافعا للمخاصمات في الشبهات الموضوعية على وجه تأتي إليه الإشارة . ( المسألة الثانية ) ما إذا كان المتنازع فيه من المسائل الخلافية . مثل منجزات المريض وثبوت الشفعة إذا كان الشركاء أزيد من ثلاثة وتحريم عشر رضعات وأمثالها . والتحقيق عدم استقلال العقل فيها بوجوب رفع المخاصمات من مقلدي البلد ، لأنه لا يلزم من عدم فصله مخالفة قطعية أو احتمالية للواقع أزيد مما يلزم من الفصل . وليس فيه أيضا اختلال النظام . بل يجب عليهم الرفع الى المجتهد النأي . وليس فيه مشقة أصلا ، مثل ما كان في الشبهات الموضوعية ، إذ لا يحتاج الفصل فيها إلى إقامة بينة وجرحها وتعديلها ، لان الحكم في المسائل الخلافية انما يحصل بمجرد الفتوى ، فيجب على المدعي ترك الدعوى الى أن يستفتي حال المسألة عن المجتهد النائي . وهذا أمر سهل ، لا غاية ما في ذلك استدعاء الاستفتاء زمانا قليلا أو كثيرا ، وترك الدعوى في المسائل الخلافية برهة من الزمان ليس فيه من المحذور شيء . ومما ذكرنا ظهر الحال في صورة التداعي أيضا ، فإن تكليف المتداعيين