فأي فائدة له في هذه الإطلاقات . فإن قلت : فائدته إثبات اذن الامام بذلك فإنهما متلازمان ، إذ بعد ما ثبت أن الحكم بين الناس حكم من الأحكام الواقعية الإلهية نظير سائر التكاليف التعبدية بإطلاق الاية الرافع لتوهم كونه من خصائص الامام ومنصوبيه ، فيثبت أيضا اذن الامام لأن كلا من الحكم الشرعي والاذن كاشف عن الأخر عندنا معاشر الإمامية القائلين بالعصمة والوحي دون الخطأ والاجتهاد . قلت : ان كان الحكم بين الناس من الأحكام الشرعية كحرمة الخمر ووجوب الصلاة واباحة المسكر ونحو ذلك فلا معنى لاشتراطه بإذن الإمام ، لأن الأحكام تعم الناس الامام والمأموم على حد سواء ، فلا معنى لقوله باشتراط الاذن ، ولا معنى لإجماع العلماء على ذلك . واشتراط وجوب صلاة الميت بإذن الولي يرجع الى كونه شرطا للواجب دون الوجوب - فتأمل . وان كان أمرا من الأمور المقررة لأهل المنصب والرئاسة فما ذكرنا من التقييد وارد عليه ، فان الإطلاق مع ثبوت شرطية اذن الامام بالأدلة اللفظية بل الإجماع لا يجدي في مطلوب الخصم ، فانا نقول حينئذ : ان الحكم بين الناس بمعنى القضاء في نفسه قابل للثبوت في حق المجتهد والمقلد ، لكنه يحتاج إلى إذن الرئيس الواقعي ونصبه ، والقدر الثابت منه في حال الغيبة انما هو الاذن للمجتهد لا المقلد . ودعوى عموم الاذن لهما بإطلاق أدلة النصب . يعرف ضعفها إنشاء اللَّه تعالى . ( الدليل الثاني ) مشهورة ابي خديجة عن الصادق عليه السلام : إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا الى أهل الجور ، ولكن انظروا الى رجل منك يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه قاضيا بينكم فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه [1] .