وبعبارة أخرى : اعتقاد الملزم يؤخذ تارة طريقا الى الحكم الواقعي الذي يجب إلزامه وأخرى موضوعا وقيدا للملزم به ، وعلى الأول فالملزوم عليه لا يخلو عن أحوال ثلاث : الاولى أن يكون جاهلا بالحكم الواقعي ، والثانية أن يكون عالما به تقليدا أو اجتهادا بالعلم المطابق لعلم الحاكم ، والثالثة أن يكون عالما بالعلم المخالف . وفي الحالتين الأوليين يعقل إلزام الحاكم بالحكم الواقعي كما لا يخفى ، وفي الحالة الثالثة فالإلزام به غير معقول ، إذ المفروض أن الملزم به ليس الا الحكم الواقعي باعتقاد الملزم الذي فرض طريقا اليه ، والحكم الواقعي باعتقاد المحكوم عليه غير الذي اعتقده لحاكم . وإذا أراد الحاكم إلزامه بمعتقده فله الامتناع عن ذلك قائلا بأنك إنما أمرت بإلزام الواقع وهذا الذي تلزمني به ليس هو الواقع بل هو حكم الجاهلية الذي أمرت أنا بكفرانه . وعلى الثاني - يعني على تقدير كون الملزم به هو الحكم الذي اعتقده الحاكم الملزم بأن يكون الملزم به الحكم الفعلي للحاكم - فالإلزام بالواقع بهذا النحو معقول في الحالات الثلاث ، لكنه تقييد في آيات الحكم أو تجوز بين ، لان الحكم المأمور به انما هو الحكم الواقعي الذي تختلف فعليته بالقياس الى الحاكم والمحكوم عليه وتقييده باعتقاد الحاكم ، وارادة الحكم الفعلي الخاص منه لا بد له من التماس دليل آخر ، كأدلة النصب والنيابة التي تعرف قصورها عن شمول المقلد . ودعوى أن الحكم الذي أمر الناس بإلزامه لا يعقل أن يكون طريقة غير اعتقاد الملزم لا تنفع ، لان اعتبار اعتقاده طريقا غير اعتباره موضوعا وقيدا للحكم الواقعي كما لا يخفى على المتدرب . هذه حال الصورة الأخيرة ، وأما الصورة الاولى - وهي صورة الموافقة في الطريق - فوجوب الإلزام حينئذ مسلم ، بمعنى أنه يجب على كل أحد إلزام المتمرد عن الحق والحكم الواقعي إذا كان موافقا مع الملزم في الحكم الفعلي