والتعدي على حقوقهم . وقد جعل في الشريعة الاسلامية إلى جانب ذلك الأحكام القضائية والقوانين الجزائية لتكون سدا أمام من لم ينتفع بالآيات والحكم ولم تؤثر فيه المواعظ والآداب ، فمال مع غرائزه النفسانية التي تحمل الانسان على أن لا يقتنع بحقوقه وتدفعه إلى الظلم والتعدي على حقوق الآخرين ، فجعل " القاضي " لأن يكون مرجعا للناس لفصل الخصومات وقطع المنازعات ، وجعل " الحديد " فيه بأس شديد تستأصل به جذور الفساد وعناصر البغي في المجتمع . ومن وقف على جزئيات تلك التشريعات في الفقه الجعفري عرف مدى الدقة المبذولة فيها من جهة ومدى تلائمها مع الفطرة الانسانية من جهة أخرى ، ولا عجب فإنها تشريعات متخذة من أخبار أهل بيت الوحي والرسالة ، وهي مستمدة من جدهم عن الله عز وجل العالم الخبير بما يصلح شأن العباد وينظم أمورهم ، وذلك قوله تعالى : " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير " [1] . وحينئذ يسقط عن الاعتبار والاعتماد سائر التشريعات المنسوبة إلى السماء فكيف بالقوانين الوضعية الحديثة ؟ . فشكر الله سعي علمائنا الأبرار الذين نقحوا هذه المسائل ورووا أخبارها وجمعوا آثارها ، كتبوا هذه البحوث العلمية الراقية ودرسوها وخلدوها إلى يومنا الحاضر . وعندما انبثقت الثورة في بلادنا ضد النظام الإمبراطوري وأطاحت