يكتب حتى يعلم اسمه ونسبه ، أو يشهد على الاسم والنسب شاهدا عدل حتى يأمن الحاكم بذلك من التدليس بجعل الحكومة بالاقرار أو الشهادة به لغير من وقع ، وقد اتفق حصول هذا التزوير في زماننا من بعض المزورة ، إذ حضر رجلان عند فقيه ورع - وهو مكفوف البصر - وذكروا عنده أن فلانا حاضر عندكم يقر بأنه قد باع داره لفلان ونحن شهود على ذلك ، فكتب الفقيه المذكور بذلك ، ثم ظهر أنه كان تزويرا من الرجلين ، وقد أدى الأمر إلى النزاع والخصومة . . إذن يشترط أن يكون الحاكم عارفا للشخص من حيث اسمه ونسبه وإلا فيشترط شهادة شاهدين عادلين . قال المحقق " قده " : " ولو شهد عليه بالحلية جاز ولم يفتقر إلى معرفة النسب . . " . أقول : وهل يغني ذكر أوصافه وملامحه الذاتية عن ذكر الاسم والنسب قال المحقق : نعم ، لكن في الجواهر عن السرائر الاشكال في كفاية ذلك ، إلا أن عبارة السرائر تدل على خلاف ما نسب إليها في الجواهر فليراجع [1] . وكيف كان فما ذكره المحقق " قده " هو الأظهر لكن يجب ذكر الحلية بحيث يأمن معه من الاشتباه والتزوير .
[1] وهذا نص عبارة السرائر : " وإذا أقر انسان لغيره بمال عند حاكم فسأل المقر له الحاكم أن يثبت اقراره عنده قال شيخنا أبو جعفر في نهايته : لم يجز له ذلك إلا أن يكون عارفا بالمقر بعينه واسمه ونسبه ، أو يأتي المقر له ببينة عادلة على أن الذي أقر هو فلان ابن فلان بعينه واسمه ونسبه ، لأنه لا يأمن أن يكون نفسان قد تواطأ على انتحال اسم انسان غائب واسم أبيه والانتساب إلى آبائه ليقر أحدهما لصاحبه بمال ليس له أصل ، فإذا أثبت الحاكم ذلك على غير بصيرة كان مخطئا مغررا . وقال في مسائل خلافه : مسألة إذا حضر خصمان عند القاصي فادعى أحدهما على الآخر مالا فأقر له بذلك فسأل المقر له القاضي أن يكتب له بذلك محضرا والقاضي لا يعرفهما ، ذكر أصحابنا أنه لا يجوز له أن يكتب لأنه يجوز أن يكونا استعارا نسبا باطلا وتواطئا على ذلك ، وبه قال ابن جرير الطبري ، وقال جميع الفقهاء : أنه يكتب ويحليهما بحلاهما التامة ويضبط ذلك . قال رحمه الله : والذي عندي أنه لا يمتنع ما قاله الفقهاء ، فإن الضبط بالحلية يمنع من استعارة النسب ، فإنه لا يكاد يتفق ذلك . ثم قال رحمه الله : والذي قاله بعض أصحابنا يحمل على أنه لا يجوز أن يكتب ويقتصر على ذكر نسبهما فإن ذلك يمكن استعارته ، قال رحمه الله : وليس في ذلك نص مسند عن أصحابنا يرجع إليه . هذا آخر كلام شيخنا في مسألة من مسائل الخلاف . قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب : الذي ذكره وذهب إليه شيخنا في مسائل خلافه هو الذي أقول به وأعمل عليه ويقوى في نفسي . وهذا يبين لك أيها المسترشد أنه قد يذكر في نهايته شيئا لا يعمل ولا يرجع فيه إلى خبر مسند يعتمد عليه ويرجع إليه . . " .