والروايات البالغة حد التواتر عندنا [1] ، فإنها تدل على ثبوت أصل القضاء في الشريعة الغراء من قبل الله عز وجل بين الناس . والعقل أيضا يحكم بوجوبه ، فكما أن قاعدة اللطف تقضي بوجود أحكام بين الناس من قبل الله عز وجل ، كذلك تقضي بوجود ولي يقضي بينهم في موارد الاختلاف حسما للنزاع ودفعا للخصومة ، وأنه لا يجوز على الله سبحانه أن يترك الناس سدى من غير ولي يرجعون إليه عند الخصومة والنزاع ليرفعها ويأخذ للمظلوم حقه من الظالم . بل إن القضاء أمر ضروري من ضروريات الدين ، ولذا نرى المحقق " قده " في الشرائع لا يتعرض لهذه الناحية لأنه أمر مسلم مفروغ عنه . وجوب القضاء : هذا ولا يجوز التصدي للقضاء لمن لم يكن واجدا للشرائط المعتبرة الآتية [2] وأما الواجد فهل يجب عليه ذلك ؟ أما الوجوب :
[1] وسيأتي ذكر نصوص بعضها التعليق على قول المحقق " . . ينفذ قضاء الفقيه . . " . [2] بل إن الواجد لها على خطر عظيم ، فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين " وعنه أيضا : " لسان القاضي بين جمرتين من نار حتى يقضي بين الناس فإما في الجنة وإما في النار " وفي الخبر : " من حكم في درهمين فأخطأ كفر " وفي آخر : " القضاة أربعة ثلاثة في النار وواحد في الجنة " وفي آخر : " أي قاض قضى بين اثنين فأخطأ سقط أبعد من السماء " . بل في بعض الأخبار إن القاضي إذا حكم بالحق وهو لا يعلم فهو في النار .