" وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه . . " [1] . أن هذا الحكم الذي يجب إطاعته وتنفيذه لا بد أن يكون ممن نصب لذلك من قبل الله تعالى ، قال عز وجل : " يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس " [2] . أو من قبل النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام عليه السلام إما خصوصا أو عموما كما في رواية أبي خديجة : " ولكن انظروا . . " [3] . وهو حكم مطابق للحكم الإلهي ، فليس فصل الخصومة من القاضي بفتوى الفقيه أو الفقهاء ، بل إنه حكم يصدره ومن آثاره وخواصه وجوب تنفيذه على الكل حتى الفقهاء ، - وهذه حيثية أخرى للتفريق بين المفتي والحاكم [4] إلا إذا قطع أحدهم بعدم تمامية
[1] سورة الإسراء : 23 ، بل " الحكم " أول المعاني المذكورة للقضاء في القاموس والصحاح ، فيكون المراد من " القضاء " نفس الحكم الصادر من القاضي من باب الولاية ، فإنه الذي يقطع النزاع ويتم الأمر ويحتمه إن كان صدوره بالشرائط المعتبرة شرعا ، ومن هنا يعبر عن القاضي بالحاكم ، ويؤمر بالتحاكم إليه . [2] سورة ص : 26 . [3] وسائل الشيعة : 18 / 4 . [4] إن " القاضي " يغاير " المفتي " و " المجتهد " و " الفقيه " بالحيثية وإن كانت الأوصاف هذه كلها مجتمعة - بناءا على اعتبار الاجتهاد - فيه ، لأن القاضي يسمى قاضيا وحاكما باعتبار الزامه بالحكم الذي يصدره ، وأما إذا كان ما يصدره مجردا عن هذا الاعتبار فإنه يسمى مفتيا لأنه حينئذ يخبر عن الحكم فقط ، وهو باعتبار مجرد الاستدلال على الأحكام يسمى مجتهدا وباعتبار علمه بتعين ما توصل إليه ظنه حكما شرعيا في حقه وحق مقلديه يسمى فقيها .