يدعي أحدهما البيع فيثبت لنفسه الخيار والآخر الصلح فلا خيار ، فإن توافقا على الترافع عند أحد الحاكمين فهو ، وإن سبق أحدهما إلى الحاكم نفذ حكمه بناءا على نفوذ الحكم الغيابي ، وإن رجع كل واحد من المترافعين إلى واحد من الحاكمين وحكم كل منهما غيابا قال الأكثر بالقرعة لأن أحد الحكمين المتنافيين مطابق للواقع فيعين بها ، لكن مقتضى القاعدة بطلان الحكمين معا ، لأنه إن أريد بالقرعة العثور على الواقع كترافع الرجلين على مال في يد ثالث فيقترع فهو ، ولكن في المورد حيث مقدمات الحكم في كلا الطرفين تامة ويراد ترتيب الأثر على كل واحد باعتباره حكما مطابقا للواقع كان الحكمان متضادين ومقتضى القاعدة سقوطهما ، لكن لم أجد من أفتى بذلك . وتفصيل المسألة : أنه إذا حكم كل من الحاكمين لكل من المتخاصمين بنحو التقارن فالوجه سقوط الحكمين ، وإنما يتصور ذلك في الحكم الغيابي ، والحكم الغيابي يتصور في حالين : الأول : أن يحضر أحد المترافعين عند الحاكم فيرسل الحاكم خلف الآخر فتارة يمتنع عن الترافع عند هذا الحاكم وأخرى يمتنع عنه مطلقا ، فإن أبى عن الحضور مطلقا طلب الحاكم من المدعي الشهود ثم يحكم حكما غيابيا على الخصم وينفذ هذا الحكم في حقه بلا كلام ، وإن أبى عن الحضور عند هذا الحاكم مع الموافقة على الترافع عند غيره فهل يسمع كلامه أو لا فيحكم عليه غيابا ؟ الصحيح : أنه لا وجه لالزامه بل يرجع إلى القرعة .