الأول لأن المفروض ان الشهادة بالاقتراض في الزمان السابق أبطلت انكار المنكر الاشتغال رأسا من حيث اقتضائها حدوث الاشتغال في الجملة وهذا بخلاف القسم الثاني لان مجرد الشهادة في الزمان السابق لا يلزم شيئا على المنكر . وبالجملة كلما يكون المشهود به والمستصحب بحدوثه ووجوده في الزمان السابق مقتضيا لابطال انكار الخصم وامتناعه بحيث يرجع يمينه إلى يمين الاثبات أو إلى تكذيب البينة فالقضاء بالشهادة به جايز لاقتضائها بطلان انكار المنكر فالقضاء عليه قضاء بالبينة فيصير كما لو أقر باشتغال الذمة أو وقوع سببه كالاقتراض مثلا سابقا فإنه لا إشكال في القضاء عليه لو لم يدع الابراء من غير فرق فيما ذكرنا بين الشهادة على السبب كالاقتراض ونحوه أو المسبب كالاشتغال ونحوه ولا بين الحقوق والذمم والأعيان كالزوجية والانتقال والاشتغال والاشتراء من المنكر ولا بين الداخل والخارج والخارجين فإن المناط في جميع الصور ما ذكرنا من اقتضاء الشهادة في السابق إلزاما على المنكر فيقضى بها وإن كان الشاهد قاطعا بالخلاف في الزمان اللاحق بل وشاهدا به في الجملة كما سيأتي الإشارة إليه . وكلما لم يكن المشهود به حدوثه مقتضيا للالزام على المنكر ولا ابطال انكاره فلا يجوز القضاء بالشهادة السابقة وإن كان الشاهد شاكا في الزمان اللاحق بل وقاطعا فيه غير شاهد على مقتضى قطعه بل مقتصرا على الشهادة في الزمان السابق أما الدليل على عدم جواز القضاء في الصورة الثانية فواضح وأما الدليل على الجواز في الصورة الأولى وإن كان يعلم من ملاحظة ما ذكرنا والتأمل فيه فهو ان الشهادة في الزمان السابق قد اقتضت بنفسها ابطال انكار المنكر وامتناعه بحيث لا يمكنه إقامة الحجة عليه وهي اليمين لان المراد من الاشتغال الذي ينكره المنكر في الزمان اللاحق مثلا إما أن يكون هو الاشتغال القديم أو الحادث . وبعبارة أخرى المراد من دعواه البراءة في الزمان اللاحق إما أن يكون البراءة الأصلية أو الحادثة فإن كان الأولى فهو تكذيب للبينة فلا تسمع دعواه فلا تقبل يمينه ولا يجوز تصديقه بل يقضى عليه بها وإن كان الثانية فيرجع يمينه عليه إلى اليمين على الاثبات وهي غير مسموعة فالدليل على ابطال انكار المنكر و امتناعه هو نفس البينة لان حيث الانكار في إنكار الاشتغال هو البراءة القديمة وهي قد ارتفعت بالبينة وصار مقتضى الأصل على خلافها كما لا يخفى وإن كان القضاء بالاشتغال الفعلي محتاجا إلى انضمام استصحابه . لا يقال ابطال انكار المنكر بالبينة يتوقف على سماعها وإنما تسمع إذا كانت على طبق الدعوى حسب ما بنيت عليه الامر سابقا والمفروض عدم المطابقة بينهما في المقام لان المدعى الاشتغال الفعلي والمشهود به الاشتغال السابق فإذا كانت فاقدة لشرط السماع وهي المطابقة فلا معنى لابطال الانكار بها . لأنا نقول نمنع من توقف سماع البينة على مطابقتها للدعوى وإلا لم تسمع البينة على الاقرار بالاشتغال في دعوى الاشتغال مع أنه لا إشكال في سماعها عندهم مع كونها غير مطابقة للدعوى كما لا يخفى وإنما الشرط في سماعها انتفاع المدعي بها ولو في إبطال إنكار الخصم وهذا بخلاف البينة على الملكية السابقة لاحد المتداعيين في الخارجين أو الخارج في الداخل والخارج لان البينة في الصورتين لا تكون مطابقة للدعوى ولا تلزم شيئا على المدعي الآخر فإن كانت للمدعي الآخر في الصورة الأولى بينة فيقضى بها وإلا فيحكم بسقوط دعواه لعدم الميزان لا لقيام البينة كما أنه يحكم بسقوط دعوى الآخر أيضا لعدم اقامته بالحجة النافعة له وبالجملة فرق بين الحكم بسقوط الدعوى لعدم الميزان أو ابطال الدعوى والانكار من جهة الميزان فإن الثاني عين معنى القضاء