ودلالتها على عدم وجوب الاستيعاب من جانب العرض ، مبنيّة على أن يكون وضعه بحيث يستر بعض الأصابع ، وأمّا لو كان ساتراً لما هو خارج عن حدّ المسح طولًا ، كما إذا كان ساتراً للمفصل ، فهي لا تدلّ على نفي وجوب الاستيعاب ، كما أنّه لو كان ساتراً لظهر القدم ممّا هو داخل في الحدّ طولًا ، تصير هذه الأخبار دليلًا على عدم وجوب استيعاب ذلك الحدّ من طرف الطول أيضاً . ومنها : صحيحة زرارة وبكير المتقدّمة [1] في مسح الرأس ، المشتملة على أنّه إذا مسح بشيء من رأسه ، أو بشيء من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع ، فقد أجزأه ، ودلالتها على كفاية المسح ببعض القدمين ظاهرة . ومنها : صحيحة أُخرى لزرارة المتقدّمة [2] الواردة في كيفيّة استفادة مسح بعض الرأس والرجلين من الكتاب . ودلالتها على كفاية المسح ببعض الأرجل واضحة أيضاً . ولو نوقش فيها : بعدم كونها مسوقة لبيان هذه الجهة ؛ لأنّ إطلاقها وارد مورد حكم آخر . فنقول : هذه الرواية - من حيث ورودها تفسيراً للآية الشريفة يستفاد منها أنّ كلمة الباء المفيدة للتبعيض لا تنحصر بالرؤوس ، بل الأرجل أيضاً كذلك ، فهي إمّا أن تكون مجرورة معطوفة على الرؤوس ، أو منصوبة معطوفة على محلّ نفس المجرور . وعلى التقديرين يستفاد الاكتفاء بالبعض ، لا من نفس الرواية ليناقش فيها بما ذكر ، بل من الآية بضميمة الرواية الواردة في تفسيرها .
[1] تقدّم في الصفحة 449 . [2] تقدّم في الصفحة 448 .