فانقدح من ذلك : بطلان الصلاة في الدار المغصوبة وإن قلنا بجواز الاجتماع ، كما هو مقتضى التحقيق . هذا كلَّه فيما لو كان الشيء المحرّم متّحداً مع الفعل العبادي في الوجود الخارجي . وأمّا لو كان مترتّباً عليه في الخارج وملازماً له في التحقّق ، فحكمه حكم المباح في جميع الأقسام الأربعة المتقدّمة . هذا لو لم نقل بسراية الحرمة من ذلك الشيء إلى الفعل العبادي من غير جهة المقدّميّة . وأمّا لو قلنا بذلك فحكمه حكم الصورة الأُولى ، كما لا يخفى . وأمّا الحرمة من جهة المقدّميّة - بناء على حرمة مقدّمة الحرام فلا تضرّ بعد ما ثبت في محلَّه من أنّ الحرمة المقدّميّة حرمة غيريّة ، ولا يترتّب على مخالفتها بنفسها عقاب ؛ إذ لا تكون بذاتها مبغوضة أصلًا [1] . نعم مع ثبوت النهي الفعلي المتعلَّق بها لا يعقل أن تكون متعلَّقة للأمر أيضاً . وحينئذٍ يكون بطلان العبادة مستنداً إلى عدم الأمر ؛ لو قلنا بعدم كفاية الملاك في صحّة العبادة ؛ وتوقّفها على تعلَّق الأمر الفعلي بها . ولكن قد عرفت سابقاً فساد هذا القول [2] ؛ وأنّ صحّة العبادة لا تتوقّف على تعلَّق الأمر الفعلي ، مضافاً إلى ما عرفت من أنّ الحكم المقدّمي لا يكون متعلَّقاً بنفس المقدّمة [3] ، وما يكون محمولًا له هذا العنوان بالحمل الشائع كما قيل [4]
[1] انظر مناهج الوصول 1 : 378 382 و 415 ، تهذيب الأُصول 1 : 247 و 282 . [2] تقدّم في الصفحة 354 . [3] تقدّم في الصفحة 364 . [4] انظر فوائد الأُصول ( تقريرات المحقّق النائيني ) الكاظمي 1 2 : 286 288 ، نهاية الأفكار 1 2 : 333 338 .