الميتة ومن المعلوم أنّه لم يقل أحد : بأنّ حرمة شيء تستلزم حرمة ما يلاقيه ، وحمل الحرمة في الرواية على النجاسة - مضافاً إلى أنّه خلاف الظاهر من دون قرينة وبيّنة على الخلاف لا دليل عليه أصلًا . والقول بأنّ الطباع تتنفّر من أكل الطعام الكذائي ، الذي صارت أجزاء الميتة مخلوطة بأجزائه ، فلا ينبغي حمل مورد السؤال عليه . يدفعه قول السائل : " الفأرة أهون عليّ من أن أترك طعامي لأجلها " ، خصوصاً بعد ملاحظة حال الأعراب في صدر الإسلام . وبالجملة : فالرواية أجنبيّة عن المقام . مضافاً إلى أنّه يمكن لنا أن نستدلّ - على أنّ الاجتناب عن الشيء لا يكون مساوقاً للاجتناب عن ملاقيه بمفهوم الأدلَّة الدالَّة على أنّ الماء إذا بلغ قدر كُرّ لم ينجّسه شيء [1] ، فإنّ مفهومها أنّه إذا لم يبلغ ذلك المقدار ، يصير نجساً بملاقاة أعيان النجاسة - جميعها أو بعضها على الخلاف وظاهره أنّ الملاقاة تؤثّر في صيرورته نجساً مستقلا ؛ بحيث لو لم يجتنب عنه لم يجتنب عن النجس ، لا أنّ ترك الاجتناب عنه مساوق لترك الاجتناب عن النجس الملاقى - بالفتح فتدبّر جيّداً . إذا عرفت ما ذكرنا فنقول : الكلام في حكم الملاقي لأحد الأطراف : تارة يقع فيما يقتضيه العقل . وأُخرى فيما تقتضيه الأُصول الشرعيّة .
[1] الكافي 3 : 2 / 2 ، الفقيه 1 : 8 / 12 ، تهذيب الأحكام 1 : 39 / 107 ، و : 226 / 651 ، الاستبصار 1 : 6 / 1 ، و : 20 / 45 ، وسائل الشيعة 1 : 158 ، كتاب الطهارة ، أبواب الماء المطلق ، الباب 9 ، الحديث 1 .