فقال أبو جعفر ( عليه السّلام ) إنّك لم تستخفّ بالفأرة ، وإنّما استخففتَ بدينك ؛ إنّ الله حرّم الميتة من كلّ شيء [1] . وجه الدلالة : أنّه ( عليه السّلام ) جعل ترك الاجتناب عن الطعام استخفافاً بتحريم الميتة ، ولولا استلزامه لتحريم ملاقيه ، لم يكن أكل الطعام استخفافاً بتحريم الميتة ، فوجوب الاجتناب عن شيء يستلزم وجوب الاجتناب عن ملاقيه . أقول : أمّا ما ذكر : من أنّ معنى الاجتناب عن شيء ، إنّما هو الاجتناب عنه وعن ملاقيه ، فهو محلّ نظر بل منع ؛ إذ من الواضح أنّه لو لم يكن الدليل دالًا على نجاسة ملاقي النجس ، لم يفهم أحد من نفس الأدلَّة الدالَّة على نجاسة الأعيان النجسة نجاسة ما يلاقيها من سائر الأشياء . وأمّا قوله تعالى * ( والرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) * فقد عرفت أنّه أجنبي عن المقام [2] . وأمّا الرواية فمضافاً إلى ضعف سندها [3] ، يحتمل قويّاً فيها : أن يكون مورد السؤال هو وقوع الفأرة في الطعام ؛ بحيث تفسّخت فيه ، وانبثّت أجزاؤها ، فحرمة أكل الطعام إنّما هي من حيث استلزامه لأكل الميتة ، لا أنّ أكله بمنزلة أكلها في الحرمة . والدليل على ذلك : أنّه جعل ترك الاجتناب عن الطعام استخفافاً بتحريم
[1] تهذيب الأحكام 1 : 420 / 1327 ، الإستبصار 1 : 24 / 60 ، وسائل الشيعة 1 : 206 ، كتاب الطهارة ، أبواب الماء المضاف ، الباب 5 ، الحديث 2 . [2] تقدّم في الصفحة 140 . [3] رواها الشيخ الطوسي بإسناده ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن محمّد بن عيسى اليقطيني ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السّلام ) . والرواية ضعيفة بعمرو بن شمر فإنّه قد ضعّفه النجاشي . رجال النجاشي : 287 / 765 .