ثمّ إنّ مقتضى هذا الكلام ، عدم الفرق بين أن يستعمله البالغ المكلَّف في شربه ، وبين أن يستعمله الصغير في شرب نفسه ، غاية الأمر أنّه يجب في الثاني منعه وصرفه عن الاستعمال . كما أنّه لا فرق بين أن يكون عروض وصف النجاسة للماء ناشئاً من نجاسة خارجية أو من نجاسة بعض أعضاء الصبي أصلًا . وأنت خبير : بأنّ ما ذكره : من أنّ للأوامر والنواهي ظهورات ثلاثة ، محلّ نظر بل منع ، فإنّه ليس للأوامر ظهور إلَّا في البعث إلى متعلَّقه ، وكذا ليس للنواهي ظهور إلَّا في الزجر عن المتعلَّق . نعم يكون تعلَّق الأمر بشيء ، كاشفاً عن كون ذلك الشيء محبوباً للآمر وذا مصلحة ملزمة باعثة على الأمر ، كما أنّ تعلَّق النهي بشيء كاشف عن مبغوضيّته للمولى ، وكونه ذا مفسدة ملزمة موجبة للنهي ، وإلَّا فمن الواضح عدم كون الأوامر ظاهرة في ذلك ، فإنّها ليست إلَّا مركَّبة من المادّة والهيئة ، والأولى لا تدلّ إلَّا على طبيعة المتعلَّق ، والثانية لا تدلّ إلَّا على البعث إلى المادّة ، كما حقّق في محلَّه [1] . وهكذا الحكم في النواهي ، غاية الأمر أنّ هيئتها تدلّ على الزجر والمنع عن المادّة المتصوّرة بها . والحاصل : أنّ دلالة الأوامر والنواهي على الأُمور الثلاثة وإن كانت مقبولة عند العدليّة ، إلَّا أنّها ليست من باب الظهور ، بل من باب الكشف العقلي ، وحينئذٍ فتحقّق المبغوضيّة وكونه ذا مفسدة ، إنّما يدور مدار الزجر والمنع ؛ إذ هو الكاشف عنهما بالكشف المزبور ، ولا يُعقل أن يكشف عن الأعمّ من مورد ثبوت الكاشف ، كما هو المسلَّم عند العقل والعقلاء في باب الكشف ، فإذا لم يكن