واحد ، وإن كانت تلك الظهورات في مقام التحقّق والانعقاد مترتّباً بعضها على البعض الآخر ، إلَّا أنّه لا ترجيح بينها بالنسبة إلى أدلَّة حجّيّة الظواهر . أمّا الأوامر فظهورها الأوّلى إنّما هو في وجوب الإتيان بالمأمور به ، وظهورها الثانوي في كون متعلَّقها محبوباً للمولى ، وظاهرة ثالثاً في كونه ذا مصلحة ملزمة ، وكذا النواهي لها ظهور في حرمة الإتيان بمتعلَّقها ، وفي كونه مبغوضاً للمولى ، وفي كونه ذا مفسدة ملزمة . وحينئذٍ فإذا قام الدليل على عدم حجّيّة الظهور الأوّلي بالإضافة إلى الصغير غير البالغ حدّ التكليف ، كقوله عليه الصلاة والسلام رُفع القلم عن الصبيّ [1] ونظائره ، فيبقى الظهوران الأخيران على حالهما من الحجّيّة ؛ إذ قد عرفت أنّ حجّيّة الظهور الثاني ، لا تكون مترتّبة على حجّيّة الظهور الأوّلي ؛ وإن كان في مقام الانعقاد متأخّراً عنه وواقعاً في طوله ، لا في عرضه ، وكذا الظهور الثالث . ونظير ذلك ما ذكره بعض المحقّقين في باب الأمارات : من أنّ دليل حجّيّتها يشمل لوازم مدلولاتها في عرض الملزومات ، لا في طولها حتّى يلزم من عدم حجّيّتها في بعض الموارد عدم حجّيّة اللوازم أيضاً [2] . وقد انقدح من ذلك : أنّ حرمة استعمال الماء النجس في الأكل والشرب وإن كانت مرفوعة عن الصبي ، إلَّا أنّ مبغوضيّته وكونه ذا مفسدة مُلزمة ، باقيتان على حالهما بالنسبة إليه أيضاً ، فلا يجوز استعماله في شربهم لذلك ، لا لتوجّه التكليف .
[1] الخصال : 94 / 40 ، و : 175 / 233 ، عوالي اللآلي 3 : 528 / 3 ، وسائل الشيعة 1 : 45 ، كتاب الطهارة ، أبواب مقدّمة العبادات ، الباب 4 ، الحديث 11 . [2] كفاية الأُصول : 473 .