حصلت بواسطة شيء آخر ، فحكم هذا المورد غير مذكور في الرواية أصلًا ، إلَّا أن يقال بثبوت المفهوم لها . ومنها : موثّقة سماعة ، عن أبي عبد الله ( عليه السّلام ) ، قال : سألته عن الرجل يمرّ بالماء وفيه دابّة ميتة قد أنتنت ؟ قال إذا كان النتنُ الغالبَ على الماء فلا تتوضّأ ولا تشرب [1] . فإنّ مفادها : أنّ المناط في عدم جواز الوضوء والشرب هو كون النتن غالباً على الماء ، وبعد زوال التغيّر لا يتحقّق هذا المناط ، فلا وجه لبقاء النجاسة . ويرد عليه : أنّه يحتمل قويّاً أن تكون الرواية واردة في مقام بيان حكم الحدوث ، فلا تعرّض فيها لحكم البقاء - حينئذٍ أصلًا . ومنها : رواية عبد الله بن سنان ، قال : سأل رجل أبا عبد الله ( عليه السّلام ) وأنا حاضر عن غدير أتوه وفيه جيفة ؟ فقال إذا كان الماء قاهراً ولا توجد منه الريح فتوضّأ [2] . فإنّ مقتضى إطلاقها عدم الفرق بين ما إذا كان الماء قاهراً من الأوّل ، أو بعد كونه مقهوراً للنجاسة . وفيه : ما عرفت في الجواب عن الاستدلال برواية حريز المتقدّمة : من أنّ ظاهر الرواية هو كون الماء - بوصف كونه ماءً قاهراً على ريح النجاسة ، وبعد فرض كونه مقهوراً حين الحدوث ، لا يعقل أن يعرض له القاهريّة إلَّا بواسطة شيء آخر ، ومعه لا يصدق أنّ الماء من حيث هو ماء قاهر عليها ،
[1] تهذيب الأحكام 1 : 216 / 624 ، الإستبصار 1 : 12 / 18 ، وسائل الشيعة 1 : 139 ، كتاب الطهارة ، أبواب الماء المطلق ، الباب 3 ، الحديث 6 . [2] الكافي 3 : 4 / 4 ، وسائل الشيعة 1 : 141 ، كتاب الطهارة ، أبواب الماء المطلق ، الباب 3 ، الحديث 11 .