لا ينافي ما ذكرناه سابقاً : من أنّه لو وقعت النجاسة في الماء السافل ، لا توجب تنجّس الماء العالي ، بخلاف العكس ؛ وذلك لما عرفت : من أنّ مناط تنجّس جميع أجزاء الماء مع ثبوت وصف الملاقاة بالإضافة إلى بعضها ، هي سراية النجاسة ، ولا يعقل تحقّقها بالنسبة إلى الماء العالي ، بل هي متحقّقة في الماء السافل إذا كانت الملاقاة ثابتة للعالي ، كما لا يخفى [1] . وبالجملة : فلا تكون هنا ضابطة كلَّيّة تتعيّن بها مصاديق الموضوع للاعتصام وعدم الانفعال ، بل المدار هو صدق الوحدة بنظر العرف ، وهو قد يختفي في بعض الموارد ، وسيأتي حكم موارد الشكّ [2] ، فانتظر . كلام الشيخ الأعظم في المقام وما يرد عليه ثمّ إنّه يظهر من الشيخ ( قدّس سرّه ) في " كتاب الطهارة " تقوّي كلّ من العالي والسافل بالآخر ؛ استناداً إلى تحقّق الاتّحاد بنظر العرف . ثمّ قال : " ويؤيّد الاتّحاد قوله ( عليه السّلام ) ماء الحمّام كماء النهر يطهِّر بعضه بعضاً [3] ، جعل ( عليه السّلام ) المادّة بعضاً من ماء الحمّام مع تسنيمها عليه ، وقوله ( عليه السّلام ) في صحيحة داود بن سرحان هو بمنزلة الماء الجاري [4] ، فإنّ الظاهر رجوع الضمير إلى المجموع من المادّة وما في الحياض " [5] .
[1] تقدّم في الصفحة 54 ، 76 . [2] يأتي في الصفحة 101 . [3] الكافي 3 : 14 / 1 ، وسائل الشيعة 1 : 150 ، كتاب الطهارة ، أبواب الماء المطلق ، الباب 7 ، ذيل الحديث 7 . [4] تهذيب الأحكام 1 : 378 / 1170 ، وسائل الشيعة 1 : 148 ، كتاب الطهارة ، أبواب الماء المطلق ، الباب 7 ، ذيل الحديث 1 . [5] الطهارة ، ضمن تراث الشيخ الأعظم 1 : 172 173 .