حول استدلال الفيض الكاشاني على عدم انفعال القليل ثمّ إنّه قد استدلّ الثاني منهما في " الوافي " على عدم اعتبار الكُرّيّة بوجوه ضعيفة ؛ عُمدتها : أنّه لو كان معيار نجاسة الماء وطهارته ، نقصانه عن الكُرّ وبلوغه إليه ، لما جاز إزالة الخبث بالقليل منه بوجه من الوجوه ، مع أنّه جائز بالاتّفاق ؛ وذلك لأنّ كلّ جزء من أجزاء الماء الوارد على المحلّ النجس إذا لاقاه ، كان متنجّساً بالملاقاة ، خارجاً عن الطَّهوريّة في أوّل آنات اللقاء ، وما لم يُلاقِه لا يعقل أن يكون مطهّراً ، والفرق بين وروده على النجاسة وورودها عليه - مع أنّه مخالف للنصوص لا يُجدي ؛ إذ الكلام في ذلك الجزء الملاقي ولزوم تنجّسه ، والقدر المستعلي لكونه دون مبلغ الكُرّية ، لا يقوى على أن يعصمه بالاتّصال عن الانفعال ، فلو كانت الملاقاة مناط التنجّس لزم تنجّس القدر الملاقي لا محالة ، فلا يحصل التطهير أصلًا . وأمّا ما تكلَّفه بعضهم من ارتكاب القول بالانفعال هنالك من بعد الانفصال عن المحلّ الحامل للنجاسة ، فمن أبعد التكلَّفات ، ومن ذا الذي يرتضي القول بنجاسة الملاقي للنجاسة ، بعد مفارقته عنها وطهارته حال ملاقاته لها ، بل طهوريّته [1] ؟ ! انتهى موضع الحاجة من كلامه زيد في علوّ مقامه . وفيه : أنّ هذه الحجّة - لو تمّت فإنّما تختصّ بخصوص موردها ، وهو فيما إذا كان الماء القليل مستعملًا في التطهير ، وأمّا في غيره ، مثل ما إذا وقع النجس في إناء من الماء ، فلا تجري فيه ، فيكون الدليل أخصّ من المدّعى ، هذا مضافاً إلى عدم تماميّتها في نفسها ، فإنّا سنبيّن في مبحث الغسالة إن شاء الله تعالى