أقول : لم أفهم أنّ جعل المرافق غاية لغسل الأيدي والكعبين غاية لمسح الأرجل كيف يعطي الترتيب وأيّ ارتباط بين الأمرين ، وأمّا الفاء في قوله تعالى * ( فَاغْسِلُوا ) * فإنّه وإن كان يفيد الترتيب ، إلَّا أنّ مفاده الترتيب بين إرادة القيام وغسل الوجه ، ومورد الكلام هو الترتيب بين غسل الوجه وبين باقي الأعضاء ؛ ألا ترى أنّه لو قيل : جاء زيد فعمرو وبكر ، يستفاد منه أنّ مجيء عمرو متأخّر عن مجيء زيد ، لا أنّه متقدّم على مجيء بكر ، كما لا يخفى [1] . وبالجملة : فدلالة الآية على اعتبار الترتيب محلّ نظر ، بل منع . ولكن عرفت أنّ الإجماع والسُّنّة متوافقان عليه . هذا في أصل اعتبار الترتيب . وأمّا الإعادة في صورة المخالفة ، فظاهر عبارة " الشرائع " المتقدّمة التفصيل - في صورتي العمد والنسيان بين ما لو كان قد جفّ الوضوء ، فتجب إعادته ، وبين ما لو كان البلل باقياً ، فتجب الإعادة على ما يحصل معه الترتيب . حول كلام العلَّامة في المقام والمحكيّ عن العلَّامة ( قدّس سرّه ) في " التحرير " : أنّ هذا التفصيل إنّما هو في خصوص صورة النسيان ، وأمّا في صورة العمد فتجب إعادة الوضوء مطلقاً [2] . وربما يوجّه تارة : بأنّه مبنيّ على مختاره في الموالاة من أنّها عبارة عن
[1] لا يخفى أنّ المقدار الَّذي استفاده الشهيد من الآية هو تأخّر غسل الوجه عن إرادة القيام ووجوب البدأة به ، وأمّا الترتيب بينه وبين سائر الأعضاء ، فقد استُدلّ عليه بعدم القول بالفصل وأنّ كلّ من قال بوجوب البدأة به قال بالترتيب بينه وبين سائر الأعضاء . [ المقرر دام ظلَّه ] . [2] تحرير الأحكام 1 : 10 / السطر 25 ، جواهر الكلام 2 : 250 ، انظر مصباح الفقيه ، الطهارة 3 : 6 .