وجه عدم المنافاة : أنّ ما ذكرنا إنّما هو فيما لو أوجد أصل العمل ، غاية الأمر مخالفته للواقع من حيث الكيفيّة ، وأمّا لو صارت التقيّة سبباً لترك العمل رأساً ، فلا دليل على عدم وجوب الإعادة أو القضاء ، كما هو الحال في جميع موارد الاضطرار ، فإنّ الحكم بالإجزاء والصحّة إنّما هو فيما لو صدر منه أصل العمل ، ولكن اضطُرّ إلى إيجاده موافقاً لهم ، وأما لو صار موجباً لتركه فلا يستفاد من أدلَّته عدم وجوبهما كما لا يخفى . حول ثبوت موضوعات الخارجية بحكم القضاة من العامة ثمّ إنّه هل يكون حكم قضاتهم وتعيينهم لأوّل الشهر - مثلًا حجّة شرعيّة على الشيعة - أيضاً في زمان التقيّة ؛ بحيث يترتّب عليه جميع الآثار ما لم ينكشف الخلاف ، فلا فرق - حينئذٍ بينه وبين حكم قضاة الشيعة ومراجعهم الذي يكون حجّة عند الشكّ ، فلا يجب القضاء في اليوم الذي شُكّ في كونه عيداً ؛ إذا حكم واحد منهم بأنّه يوم العيد ؛ ولو كان مقتضى الاستصحاب العدم ووجوب القضاء مع الإفطار للتقيّة ، أو لا ؟ وجهان . ربما يُستفاد من بعض الأخبار - الواردة في الإفطار تقيّةً الأوّلُ ، مثل ما رواه الصدوق بإسناده عن عيسى أنّه قال : كنت عند أبي عبد الله ( عليه السّلام ) في اليوم الذي يشكّ فيه فقال يا غلام اذهب فانظر أصام السلطان أم لا ؟ فذهب ثمّ عاد ، فقال لا ، فدعا بالغداء فتغدّينا معه [1] . ودلالته على ذلك مبنيّة على أن لا يكون الراوي والغلام ممّن يتّقي عنهما ، فإنّه - حينئذٍ لا وجه للإفطار - مع عدم الاضطرار إلَّا لكون صيام السلطان
[1] الفقيه 2 : 79 / 352 ، وسائل الشيعة 10 : 131 ، كتاب الصوم ، أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الباب 57 ، الحديث 1 .