المرتكز عند العرف ؛ سواء كان قليلًا أو كثيراً ، والأوّل هو المتعارف في أكثر الآبار ، فتدلّ الرواية على اعتصام الماء الجاري وعدم انفعاله مطلقاً ؛ ولو كان التعليل راجعاً إلى الذيل كما عرفت . بل يمكن أن يقال : بجواز التعدّي عن مورد الرواية ولو لم يكن فيها تعليل أصلًا ؛ لأنّ الخصوصيّة التي بها يمتاز ماء البئر عن الماء الجاري ، لا يمكن أن تكون مؤثّرة في الحكم المذكور في الرواية ؛ لأنّها ليست إلَّا عبارة عن كون ماء البئر واقعاً في قعر الأرض . ومن المعلوم عدم مدخليّة هذه الخصوصيّة في الحكم أصلًا ؛ ضرورة أنّه لو فرض أنّ ماء البئر نبع ؛ بحيث صار مساوياً لوجه الأرض ، هل يشكّ أحد في ارتفاع حكمه السابق لخروجه عن عنوان البئريّة ، وهل هو إلَّا كاحتمال دخالة الرجوليّة في قوله : " رجل شكّ بين الثلاث والأربع " مثلًا ، بل المقام أولى كما لا يخفى . حول اعتبار الاستهلاك في ارتفاع النجاسة ثمّ إنّه لو قلنا باعتبار الامتزاج ، كما عرفت أنّه الظاهر من الصحيحة [1] ، فهل يعتبر الاستهلاك أم لا ؟ قد يقال : بأنّ المستفاد من الصحيحة عدم اعتباره [2] ؛ لأنّ ارتفاع النجاسة قد عُلَّق فيها على زوال التغيّر . ومن المعلوم أنّ زوال التغيّر في البئر ليس حاصلًا دفعة ، بل الزوال إنّما يتحقّق بإخراج الماء منه تدريجاً مع الجريان
[1] الإستبصار 1 : 33 / 87 ، وسائل الشيعة 1 : 141 ، كتاب الطهارة ، أبواب الماء المطلق ، الباب 3 ، الحديث 12 . [2] مصباح الفقيه ، الطهارة 1 : 95 و 101 .