المسح والمقدار المجزي منه أصلًا ، بل الظاهر كون الراوي عالماً بهذه الجهة ، وإنّما كان مورد شكَّه هي الجهة الأُولى . وهذا واضح جدّاً . الاستدلال على وجوب المسح بمقدار ثلاث أصابع ثمّ إنّه قد استُدلّ للقول بوجوب مسح مقدار ثلاث أصابع بروايات [1] : منها : صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السّلام ) المرأة يجزيها من مسح الرأس أن تمسح مقدّمه قدر ثلاث أصابع ، ولا تُلقي عنها خمارها [2] . بناءً على أنّه لا فرق بين الرجل والمرأة ، وذكرها إنّما هو من باب المثال ، نظير ذكر الرجل في كثير من الأخبار ، الدالَّة على بيان الأحكام غير المختصّة بالرجل قطعاً . وأنت خبير : بما في هذا الاستدلال من النظر ؛ لأنّه - مضافاً إلى أنّ ذكر المرأة ليس كذكر الرجل ، بل تخصيصها به في مقام بيان حكم من الأحكام ظاهر في اختصاصه بها ، بخلاف الرجل ، كما لا يخفى يرد عليه : أنّ ذيل الرواية ، وهو قوله ( عليه السّلام ) لا تُلقي عنها خمارها ، قرينة واضحة على أنّ الرواية مسوقة لبيان عدم وجوب إلقاء الخمار ، وكفاية المسح على مقدّم الرأس من دون إلقائه ، ولا تعرّض فيها لبيان كيفيّة المسح من حيث الماسح والممسوح ، كما هو ظاهر . ثمّ إنّ هنا احتمالًا آخر في معنى الرواية ، لعلَّه أقوى من سائر الاحتمالات : وهو أن يكون قوله ( عليه السّلام ) قدر ثلاث أصابع ، بياناً لمقدّم الرأس
[1] انظر الطهارة ، ضمن تراث الشيخ الأعظم 2 : 210 211 . [2] الكافي 3 : 30 / 5 ، تهذيب الأحكام 1 : 77 / 195 ، وسائل الشيعة 1 : 416 ، كتاب الطهارة ، أبواب الوضوء ، الباب 24 ، الحديث 3 .