توجيه القول بكفاية التغيّر التقديري وربما يوجّه القول بالتعميم : بأنّ المؤثّر في الانفعال ، إنّما هو اختلاط الماء مع مقدار معيّن من النجاسة ، والتغيّر كاشف عنه وأمارة عليه ، لا أنّه موضوع ومؤثّر ، فإذا أُحرز وجود ذلك المقدار بأمارة أُخرى يترتّب عليه الحكم بالنجاسة [1] . وفيه : مضافاً إلى منافاة هذا الوجه لما يستفاد من ظواهر الأدلَّة ، فإنّ ظاهرها أنّ الموضوع والمؤثّر في الانفعال إنّما هو التغيّر لا غير ، وجعله كاشفاً وأمارة على الموضوع يحتاج إلى مئونة زائدة ، ولم يدلّ عليه الدليل أصلًا أنّ من المعلوم أنّ ما يوجب استقذار العرف إنّما هو حصول التغيّر في الماء ، كما نشاهده بالوجدان ، وإلَّا فاللازم الالتزام بتساوي الماء المتغيّر مع الماء غير المتغيّر الصالح له لولا المانع من حيث الاستقذار والتنفّر ، وهو معلوم الخلاف ، فإذا ثبت الفرق بينهما في نظر العرف ، تحتمل مدخليّة هذه المرتبة من الاستقذار في ثبوت الانفعال ، ومعه لا يمكن رفع اليد عن الظواهر بدون وجود دليل قطعيّ أو أقوى على خلافه . وربما يستبعد ما ذكرنا : من أنّ المدار هو التغيّر الحسّي ، ويقال في وجهه : إنّه لو فرض حوضان من الماء متساويان : أحدهما ماؤه صافٍ لطيف ، والآخر كدر كثيف ، فلو فرض وقوع ثُلث ميتة في الأوّل ؛ بحيث صار موجباً لتغيّره لكمال صفاته ، ووقوع ميتة كاملة في الثاني ، ولم يتغيّر بسببه لكثافته ، فهل يمكن الالتزام بانفعال الماء الأوّل وعدم انفعال الثاني ؟ ! وهل هو إلَّا القول بمدخليّة