ثمّ إنّه لا إشكال أيضاً في دلالة الأخبار على بطلان عبادة المرائي ؛ فيما إذا كان رياؤه في مجموع العمل . الرياء بالأجزاء بحسب مفاد الأخبار وأمّا الرياء في الأجزاء ، فشمول الأخبار له مبنيّ على أنّ كلّ واحد من أجزاء العبادة ، هل هو عمل مستقلّ ، وهي مركَّبة من أعمال ، أو أنّها بأجمعها عمل واحد ، فعلى الأوّل لا دلالة للأخبار إلَّا على بطلان الجزء الذي راءى فيه ، وحينئذٍ فلا بدّ في استفادة حكم مجموع العبادة من الرجوع إلى القاعدة ، وقد عرفت مقتضاها [1] ، وعلى الثاني يستفاد من الأخبار بطلان مجموع العبادة ؛ لأنّه أدخل في هذا العمل الواحد رضا غيره تعالى ، فهو مشرك . والظاهر هو الوجه الثاني ؛ لأنّ الصلاة ونظائرها عند المتشرّعة عمل واحد ؛ يفتتح بالتكبير ، ويختتم بالتسليم ، ولا يكون كلّ واحد من أجزائها عملًا مستقلا بنظرهم ، وهذا بخلاف الحجّ وأشباهه ، فإنّ أجزاءه كلّ واحد منها عمل بحياله وعبادة مستقلَّة . والفارق بينهما من هذه الجهة هو عرف المتشرّعة ، وحينئذٍ فالاستناد في كون أجزاء الصلاة أعمالًا مستقلَّة إلى الحجّ ، كما في " المصباح " [2] ، لا مجال له بوجه . فالحقّ بطلان الصلاة بالرياء في أجزائها مطلقاً ؛ لأنّه يصدق بنظر العرف أنّه عمل له تعالى ولغيره ، بل التعبير بأنّ من عمل عملًا أدخل فيه رضا أحد من الناس فهو مشرك ، كالصريح في الدلالة على بطلان العبادة بالرياء في أجزائها ؛
[1] تقدّم في الصفحة 375 . [2] مصباح الفقيه ، الصلاة : 239 / السطر 10 12 .