بل متعلَّقه إنّما هو نفس عنوان المقدّمة ؛ لأنّ الحيثيّات التعليليّة كلَّها ترجع إلى الحيثيّات التقييديّة ، وحينئذٍ فلا مانع من أن يجتمع النهي الفعلي مع الأمر ، بعد كون متعلَّق الأوّل هي نفس عنوان المقدّمة ، ومتعلَّق الثاني هو ذات الفعل بعنوانه . وأمّا الجهة الثانية : فنقول : إن قلنا بأنّ المحرّم في باب الرياء هو نفس الفعل العبادي ، الذي يُراد بسببه طلب المنزلة عند الناس ، فيصير حكم العمل المراءى به حكم ما لو كان الحرام متّحداً مع العبادة في الوجود الخارجي ، فيبطل مطلقاً ؛ سواء كان قصده تابعاً لنيّة القربة أو العكس ، أو كان داعياً مستقلا كنيّة القُربة ، أو كان جزء المؤثّر . والوجه فيه : ما عرفت من أنّ المحرّم لا يمكن أن يكون عبادة ومقرِّباً للعبد . وإن قلنا بأنّ المحرّم في باب الرياء هو القصد ، لا نفس العمل الخارجي ، فيصير حكمه حكم الضميمة المباحة . ونحن وإن حكمنا فيها بصحّة القسم الأوّل من الأقسام الأربعة المتصوّرة المتقدّمة - وهو ما يكون الداعي النفساني تابعاً لقصد التقرّب إلَّا أنّه لا يخفى أنّ الحكم بالصحّة فيه أيضاً محلّ نظر بل منع ؛ وذلك لأنّه لا ريب في أنّ اشتياق النفس إلى الفعل بعد وجود الداعي الضعيف ، أيضاً يكون أشدّ ممّا إذا لم يكن فيه هذا الداعي ، ومن المعلوم - كما حقّق في محلَّه [1] أنّه ليس نفس طبيعة الاشتياق - الصادقة على الاشتياق غير الشديد أيضاً شيئاً ووصف الشدّة فيه شيئاً آخر ؛ بحيث يكون هنا شيئان : أحدهما طبيعة الاشتياق ، والآخر شدّته ، بل ليس هنا إلَّا وجود واحد وهويّة فأرده ، نظير النور الشديد والوجود الشديد