متعلَّقاً للأمر ، فإذا لم يدلّ دليل على أنّ سقوط الأمر متوقّف على إتيان متعلَّقه بداعيه - كما هو المفروض فمن أين يحكم بلزوم ذلك ، خصوصاً بعد إمكان أخذ قصد التقرّب قيداً في المتعلَّق ، كما اخترناه وحقّقناه في الأُصول [1] . كلام المحقّق الحائري في المقام ثمّ إنّ بعض محقّقي المعاصرين ( قدّس سرّه ) ذهب في أواخر عمره إلى أنّ الأصل يقتضي التعبّديّة ؛ نظراً إلى أنّ العلل التشريعيّة كالعلل التكوينيّة فكما أنّه في العلل التكوينيّة يكون مقتضى تأثيرها حصول المعلول المستند إليها ؛ إذ النار لا تؤثّر إلَّا في حصول الإحراق المستند إليها ، لا أن يكون وصف الاستناد إليها مستنداً إلى تأثير النار ، بل الإحراق المعلول لها إنّما يكون محدوداً بحدود الاستناد إليها ، فكذلك في العلل التشريعيّة يكون مقتضى تأثيرها حصول المعلول المستند إليها ، وحينئذٍ فالأمر حيث يكون علَّة تشريعيّة - إذ هو تحريك للمكلَّف نحو العمل فلا بدّ أن يكون معلوله - وهو العمل مستنداً إليه ؛ بمعنى أنّ الواجب هو إتيانه على نحوٍ يكون هو المؤثّر في حصوله ، وذلك لا يتحقّق إلَّا بإتيانه منبعثاً عن البعث المتعلَّق به ومدعوّاً بدعوته ، وهو عين التعبّديّة ، كما هو واضح جدّاً [2] . ويرد عليه : أوّلًا : أنّا لانسلَّم ذلك في العلل التكوينيّة ، فضلًا عن العلل التشريعيّة إلَّا بالنسبة إلى الله - تبارك وتعالى وتحقيقه في موضعه [3] .
[1] مناهج الوصول 1 : 260 ، تهذيب الأُصول 1 : 148 . [2] انظر الفوائد الخمسة ، ضمن الرسائل العشرة ، الإمام الخميني ( قدّس سرّه ) : 186 ، مناهج الوصول 1 : 275 276 . [3] راجع مناهج الوصول 1 : 276 277 ، تهذيب الأُصول 1 : 161 162 .