حرمة الاستقبال والاستدبار في الصحاري والأبنية ثمّ إنّ ظاهر الروايات كالفتاوي إطلاق الحكم للصحاري والأبنية ، وقد يستدلّ [1] على التفصيل بينهما بحسنة ابن بزيع قال : دخلت على أبي الحسن الرضا ( عليه السّلام ) وفي منزله كنيف مستقبل القبلة ، وسمعته يقول من بال حذاء القبلة ، ثمّ ذكر فانحرف عنها إجلالًا للقبلة وتعظيماً لها ، لم يقم من مقعده ذلك حتّى يغفر له [2] . ولا دلالة لها على جواز الاستقبال في الأبنية ؛ لأنّ مجرّد كون الكنيف مستقبل القبلة لا يدلّ على جواز الاستقبال في حال البول والغائط إلَّا أن يكون بناؤه بأمر الإمام ( عليه السّلام ) ، ولم يعلم ذلك من الرواية ، بل الظاهر عدمه ؛ لأنّ كراهته ممّا لا إشكال فيه ، ومجرّد ذكر الثواب دون العقاب لا يدلّ على عدم وجوب الانحراف واستحبابه ؛ لما تراه من ذكر الثواب في الأخبار الكثيرة [3] على فعل بعض الواجبات . ثمّ إنّه لا إشكال في الحرمة فيما لو استقبل القبلة أو استدبرها قائماً أو جالساً ، وأمّا المستلقي فالظاهر عدم تحقّق عنوان الاستقبال والاستدبار في حقّه ؛ لأنّه لا يعقل أن يكون الإنسان في آنٍ واحد مستقبلًا لجهتين متخالفتين أو مستدبراً لهما ، فمع كونه مستقبلًا لما فوقه أو ما تحته أو مستدبراً لواحد منهما ، كيف يمكن أن يكون مستقبلًا للقبلة أو مستدبراً لها ، والأخبار الواردة في
[1] مختلف الشيعة 1 : 100 . [2] تهذيب الأحكام 1 : 26 / 66 ، الإستبصار 1 : 47 / 132 ، وسائل الشيعة 1 : 303 ، كتاب الطهارة ، أبواب أحكام الخلوة ، الباب 2 ، الحديث 7 . [3] ثواب الأعمال : 57 / 3 ، و : 69 / 2 ، و : 70 .