كلام المحقّق الحائري في المقام ثمّ إنّ بعض المحقّقين من المعاصرين - بعد توجيهه جواز الارتكاب في الشبهة غير المحصورة بما يرجع إلى ما ذكرنا قال : " ولكن فيما ذكرنا أيضاً تأمّل ، فإنّ الاطمئنان بعدم الحرام في كلّ واحدٍ واحدٍ بالخصوص ، كيف يجتمع مع العلم بوجود الحرام بينها وعدم خروجه عنها ؟ ! وهل يمكن اجتماع العلم بالموجبة الجزئيّة مع الظنّ بالسلب الكلَّي ؟ ! " [1] . وأنت خبير : بأنّه لو كان متعلَّق الاطمئنان هو بعينه متعلَّق العلم - ولو اختلفا من حيث الإيجاب والسلب يلزم ما ذكر ، ولكنّه ليس كذلك ، فإنّ متعلَّق العلم هو وجود الحرام بين هذه الأطراف غير المحصورة ، ومتعلَّق الاطمئنان هو خروج كلّ واحد منها بالقياس إلى غيره ، وإلَّا فتلزم المنافاة في الشبهة المحصورة أيضاً ، فإنّه كيف يجتمع العلم بوجود الحرام بين الإناءين مع الشكّ في كلّ واحد منهما أنّه المحرّم ؛ لعدم إمكان اجتماع العلم مع الشكّ ؟ ! والسرّ ما ذكرنا : من أنّ الشكّ إنّما يلاحظ بالقياس إلى الطرف الآخر ؛ بمعنى أنّه لا يعلم أنّ هذا الإناء بخصوصه ظرف للمحرّم الواقعي ، أو الإناء الآخر ، ولا ينافي ذلك تحقّق العلم بوجود الحرام بينهما ، بل منشأ الشكّ هو وجود ذلك العلم ، وفيما نحن فيه ؛ حيث إنّ احتمال وجود الحرام في كلّ واحد من الأطراف بخصوصه ضعيف في الغاية ؛ لوقوعه في مقابل احتمالات كثيرة على خلافه ، فالاطمئنان بعدم كونه هو المحرّم الواقعي إنّما هو لضعف ذلك الاحتمال بالنسبة إلى غيره ، ولا ينافي هذا وجود العلم بكون الحرام في هذه الأطراف غير المحصورة غير خارج عنها .