ثمّ لو شك في بعض المياه من جهة الشك في مفهوم الجاري وكان دون الكر كان من باب الشك في العموم الناشئ من إجمال المخصّص المنفصل ، والعموم هنا عمومات انفعال القليل ، والمخصص أدلَّة عدم انفعال الجاري ، فإن قلنا بجواز التمسّك بالعام في هذه الصورة كان منفعلا ، وإن قلنا بإجماله فالمرجع هو أصالة عدم الانفعال . وكيف كان فقد استدل على عدم انفعال الماء الجاري بما دلّ على نفي البأس عن البول في الماء الجاري مثل قوله - عليه السلام - : « لا بأس بأن يبول الرجل في الماء الجاري ، وكره أن يبول في الماء الراكد » [1] . وعن أبي عبد الله - عليه السلام - عن الرجل يبول في الماء الجاري ؟ قال : « لا بأس به إذا كان الماء جاريا » [2] . وعنه - عليه السلام - قال : « لا بأس بالبول في الماء الجاري » [3] . وعن سماعة قال : سألته عن الماء الجاري يبال فيه ؟ قال : « لا بأس به » [4] . بتقريب أن يقال : إنّ نفي البأس عن البول في الماء الجاري في قبال الراكد ظاهر في كونه لأجل وصف الجريان وأنّه يذهب بالنجاسة ، فكان الماء بعد وقوع البول فيه لا يسقط عن الانتفاع به ، فانّ ذهاب البول بواسطة الجريان موجب لعدم استقذار الطباع عن الماء ، وأمّا الماء الواقف فالإستقذار فيه بعد البول موجود ، فلهذا كره البول فيه .
[1] - الوسائل : ج 1 ، ب 5 ، من أبواب الماء المطلق ، ص 107 ، ح 1 . [2] - المصدر نفسه : ح 2 . [3] - المصدر نفسه : ح 3 . [4] - المصدر نفسه : ح 4 .