وفي الرابع : أنّ الإمام أحدّ النظر إليه وقال : « هكذا تدخل بيوت الأنبياء وأنت جنب » فقال : أعوذ باللَّه من غضب الله وغضبك ، وقال استغفر الله ولا أعود . والظاهر اتحاد الواقعة ، ثمّ إنّه يمكن الخدشة في دلالة هذه الأخبار على الحرمة ، خصوصا مع قوله في بعضها : « لا ينبغي » غاية الأمر استفادة الكراهة الشديدة من جهة بعض القرائن من إحداد النظر والغضب والتوبيخ ولا دلالة في هذه على الحرمة ، فإنّ صدور مثل ذلك من الإمام بالنسبة إلى أبي بصير الذي يكون بتلك المكانة من الجلالة يمكن أن يكون لأجل ارتكاب مكروه ، ولا يلزم أن يكون لأجل الإقدام على الحرام . ثمّ على فرض دلالتها على الحرمة واستظهارها من مجموعها ، كما يكون ظاهر قوله : « لا يدخلها الجنب » فإنّه نهي بصورة النفي ، وهو أبلغ في إفادة التحريم من صيغة النهي ، فحينئذ يمكن التفصيل في هذا الحكم بين الأشخاص في المشاهد ، دون المساجد ففي المساجد يحرم المكث مطلقا ، وأمّا في المشاهد فإذا كان قصد الشخص الاستفاضة من الإمام والزيارة ، يحرم عليه الدخول بحالة الجنابة ، وأمّا إن لم يكن من قصده ذلك ، مثل من كان منزله في بيت الإمام ، وكان تردده في بيت الإمام لكونه منزله ، فلا يحرم عليه المكث في حالة الجنابة ، فعلى هذا يقال بمثل ذلك في حال مماتهم - عليهم السلام - فمن كان واردا على تلك الحرم المتبركة بل وعلى الصحن فضلا عن الرواق والحرم بعنوان زيارة الإمام فيجب عليه الاغتسال لو كان جنبا ، وأمّا لو لم يكن التردد بعنوان الورود على الإمام والزيارة ، بل كان لأجل ملاقاة شخص يكون في الحرم ، أو كان من الخدام فكان تردّده لأجل الخدمة أو كان الغرض مجرّد التردد عن هذا المكان أو كان من الطلاب الساكنين في حجرات